فصل [ في آيات الصفات ]
فإن قيل : إنّه قد ذكر في القرآن : « يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ » (المائدة : ٦٤) ، وإنّ له جنباً ، وعيناً ، وأعيناً ، ونفساً ، وأيدٍ ، لقوله : « مِمّا عَمِلَتْهُ أيْدِينا » [ يس : ٧١ ] ووجهاً.
فقل : يداه نعمتاه ، ويَدُهُ قُدْرَتُه ، والأيدي هي : القدرة ، والقوة أيضاً.
وجنباً في قوله تعالى : « يَاحَسْرَتى عَلَى مَافَرَّطْتُ فِيْ جَنْبِ اللّه » [ الزمر : ٥٦ ] ، أي : في طاعته.
ونفساً في قوله تعالى : « تَعْلَمُ مَا فِيْ نَفْسِي وَلأ أعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ » [ المائدة : ١١٦ ] ، المراد به : تعلم سرّي وغيبي ، ولا أعلم سرّكَ وغيبك.
ووجهه : ذاته ، ونفسه : ذاته ، وقوله تعالى : « فَثَمَّ وَجْهُ اللّه » [ البقرة : ١١٥ ] ، أي الجهة التي وجّهكم إليها.
وما ذكر من العين والأعين فالمراد به الحفظ والكَلاءَة والعلم.
وقوله : « اسْتَوى عَلَى العَرْشِ » [ الأعراف : ٥٤ ] ، استواوَه : استيلاوَه بالقدرة والسلطان ، ليس كمثله شيء ، ولا يشبهه ميّت ولا حي.
فصل [ في أنّ اللّه تعالى غني ]
فإن قيل : أربك غني أم لا؟
فقل : إنّه غنيٌّ لم يزل ولا يزال ، ولاتجوز عليه الحاجة في حال من الأحوال ، لأنّ الحاجة لاتجوز إلاّ على من جازت عليه المنفعة والمضرة ، واللّذة والألم ، وهذه الأمور لاتجوز إلاّ على من جازت عليه الشهوة والنفرة ، وهما لا يجوزان إلاّ على الأجسام ؛ فيسترُّ الجسم بإدراك ما يشتهيه ويلتذ به ، وينمو ويزداد بتناوله ، ويغتم