لغير العاقل تغليبا ، لأن «ما» تأتي لصفات من يعقل ، وقد وصفهن بالطيب ، فصح استعمال «ما» ، وهذا سر بديع تقيس عليه ما يرد منه ، فتدبره والله يعصمك.
الفوائد :
١ ـ يحدث التاريخ في تعليل نزول هذه الآية أنه كان الرجل يجد اليتيمة الموسومة بالجمال والمال ويكون وليها فيتزوجها ضنا بها عن غيره ، فريما اجتمعت عنده عشر منهن ، فيخاف لضعفهن وفقد من يغضب لهن أن يظلمهن حقوقهن ويفرط فيما يجب لهن ، فقيل لهم :إن خفتم أن لا تقسطوا ـ أي تعدلوا ـ في يتامى النساء فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم. فجاءت الآية محذرة من التورط ، وأمرا بالاحتياط ، وفي غيرهن مندوحة الى الأربع.
٢ ـ (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) صفات معدولة عن أعداد مكررة ، ولذلك منعت من الصرف ، أي : اثنتين اثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا. ومن طريف ما تمسك به بعض الذين ضلت عنهم أسرار العربية الشريفة من جواز التزوّج بتسعة : أنهم قالوا لأن اثنتين وثلاثة وأربعة جملتها تسعة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسعة. وهذا كما ترى ناشىء عن جهل بأسرار العربية المبينة ، لأنك إذا قلت : جاء القوم مثنى وثلاث ورباع ، معناه أنهم جاءوا اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، فتنصب ذلك كله على الحال. والحال هي التي تبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به. فأنت تريد أن تبين كيف كان مجيئهم ، أي : لم يجيئوا جماعة ولا فرادى فالله سبحانه أبان ما أباحه من