إلا خطأ فإن له قتله كذلك ، ولكن قد يقتله خطأ ، فكذلك قوله : أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وإن كان الذي جلب الباء التي بعد إلا الفعل الذي يقتضيها قبل إلا فليس الاستثناء بالاستثناء المتصل بالذي قبله ، بمعنى أن القوم إذا لقوا فالذلة زائلة عنهم بل الذلة ثابتة بكل حال ، ولكن معناه ما بيناه آنفا.
وقد آن أن ننتهي من هذا البحث الذي طال بعض الطول ونحمد الله على أنه ألهمنا ما لم يلهم أحدا من قبل. ولعلهم لو امتد بهم العمر إلى أيامنا لأدركوه كما أدركناه ، وسبروا غوره كما سبرناه. ولعل من خير حسن الختام أن ننبه إلى خطأ وقع فيه بعض الأئمة من المتقدمين وجل من تنزه عن الخطأ ، فقد زعم بعض من لا تحصيل له أن المعطوف على جواب الشرط بـ «ثم» لا يجوز جزمه البتة قال : لأن المعطوف على الجواب جواب ، وجواب الشرط يقع بعده وعقبه ، و «ثم» تقتضي التراخي فكيف يتصور وقوعه عقب الشرط؟ فلذلك لم يجزم مع «ثم».
وهذا فاسد واضح البطلان ، وليس لنا أن نستشهد على بطلانه إلا بقوله تعالى : «وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم» فـ «لا يكونوا» مضارع مجزوم نسقا على «يستبدل» الواقع جوابا للشرط والعاطف ثم. وبهذا يكتمل عقد هذا البحث الذي نزفه إلى العالمين العربي والإسلامي ليستبشروا فالنصر آت ، وزوال هذه الدويلة المسخ وعد تنزلت به الآيات. ونقتبس هذه العبارة للزمخشري فهي خير ما يقال : «وحين رفع كان نفي النصر وعدا مطلقا كأنه قال : ثم شأنهم وقصتهم التي أخبركم عنها ، وأبشركم بها بعد التولية أنهم مخذولون ، منتف عنهم النصر والقوة لا ينهضون بعدها بنجاح ولا يستقيم لهم