فتكون «أن» مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن تقديره : أنه (فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) الفاء : عاطفة ، وعموا معطوف على حسبوا ، وصموا عطف على قوله : فعموا ، وثم حرف عطف للترتيب مع التراخي ، وتاب الله فعل وفاعل ، والجملة عطف على قوله : فعموا وصموا ، وعليهم متعلقان بتاب (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) ثم عموا وصموا عطف على ما تقدم ، كثير بدل من الضمير في عموا أو صموا ، ومنهم متعلقان بمحذوف صفة لكثير ، والواو استئنافية ، والله مبتدأ وبصير خبره ، وبما جار ومجرور متعلقان ببصير ، وجملة يعملون صلة الموصول.
البلاغة :
في الآية نوع من الالتفات البليغ بقوله : «فريقا كذبوا وفريقا يقتلون» ، وهو التفات من الإخبار بالفعل الماضي الى الإخبار بالفعل المضارع ، وهذا من أدقّ الأمور ، ولا يتاح في الاستعمال إلا للعارف برموز الفصاحة والبلاغة.
وقد طفح القرآن الكريم به ، فقد جاء بالفعل الماضي أولا فقرر أمرا وقع ثم جاء يقتلون على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل واستحضارا لتلك الصورة الشنيعة للتعجب منها واستخلاص العبرة من مطاويها.
وسيرد منه في القرآن الشيء العجيب ، وعلى هذا ورد قول تأبط شرّا :
بأنّي قد لقيت الغول تهوي |
|
بسهب كالصحيفة صحصحان |
فأضربها بلا دهش فخرّت |
|
صريعا لليدين وللجران |
فإنه قصد أن يصور لقومه الحال التي تهيأت له حتى تشجّع على ضرب الغول ، كأنه يجسّدها لهم ليثير إعجابهم بجراءته على ذلك