حال ، وسيأتي المزيد من البحث في باب البلاغة عن هذا القصر (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) الواو استئنافية ومن شرطية مبتدأ وينقلب فعل الشرط وعلى عقبيه جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والفاء رابطة لجواب الشرط ويضر فعل مضارع منصوب بلن والله مفعول به وشيئا مفعول مطلق وجملة فلن يضر في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من» (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) الواو استئنافية ويجزي فعل مضارع مرفوع والله فاعل والشاكرين مفعول به.
البلاغة :
في قوله : «وما محمد إلا رسول» فن القصر وهو في اللغة الحبس ، وفي الاصطلاح تخصيص أحد الأمرين على الآخر ونفيه عما عداه وهو يقع للموصوف على الصفة وبالعكس ، والآية من النوع الأول أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم مقصور على الرسالة لا يتعداها الى البعد عن الهلاك بناء على استعظام الصحابة أن لا يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فكأنهم أثبتوا له وصفين : الرسالة وعدم الهلاك ، فخصص بقصره على الرسالة ، فهو من إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر ، وهو قصر إفراد ، ردا على من يدعي أمرين أو أحدهما بلا ترجيح ، وهو على كل حال من باب القصر القلبي ، لأنهم لما انقلبوا على أعقابهم فكأنهم اعتقدوا أنه رسول لا كسائر الرسل في أنه يموت كما ماتوا وأنه يجب عليهم التمسك بدينه بعده كما يجب التمسك بأديانهم بعدهم.