وشتّان بين رأي ابن عمر وبين قول أبيه في عليّ عليهالسلام : هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن ، من لم يكن مولاه فليس بمؤمن. راجع ما مضى (١ / ٣٤١) الطبعة الأولى و (١ / ٣٨٢) الطبعة الثانية.
ولعلّ القوم ستراً على عوار اختيار ابن عمر ، وتخلّصاً من نقد أبي عمر المذكور ، اختلقوا من طريق جعدبة (١) بن يحيى عن العلاء بن البشير العبشمي ، عن ابن أبي أُويس ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أنّه قال : كنا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفاضل فنقول : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ.
واختلقوا من طريق محمد بن أبي البلاط (٢) عن زهد بن أبي عتاب ، عن ابن عمر أيضاً قال : كنّا نقول في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يلي الأمر بعده أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم عليّ ، ثم نسكت.
ولعلّ الواقف على أجزاء كتابنا هذا ، وبالأخصّ الجزء السادس وهلمّ جرّا ، يعلم ويذعن بأنّ اختيار ابن عمر ومن رأى رأيه باطل في غاية السخافة ، ولو كان معظم الصحابة لم يعدل بأبي بكر أحداً في زمن نبيّهم فما الذي زحزحهم عن رأيهم ذلك يوم السقيفة؟ وما الذي أرجأهم عن بيعته؟ ومن أين أتاهم ذلك الخلاف الفاحش الذي جرّ الأسواء على الأُمّة حتى اليوم؟ وقد عرّفناك في الجزء السابع (ص ٧٦ ، ٩٣ ، ١٤١) الطبعة الأولى (٣).
إنّ عيون الصحابة من المهاجرين والأنصار لمّا لم تكن تجد لأبي بكر يوم
__________________
(١) جعدبة : متروك يروي عن العلاء مناكير ، والعلاء ضعيف حديثه غير صحيح. راجع لسان الميزان : ٢ / ١٠٥ ، ٤ / ١٨٣ [٢ / ١٣٤ رقم ١٩٤٩ ، ٤ / ٢١٢ رقم ٥٦٨٦]. (المؤلف)
(٢) لا يعرف ولا يدري رجال الجرح والتعديل من هو. لسان الميزان : ٥ / ٩٦ [٥ / ١٠٩ رقم ٧١٠٧]. (المؤلف)
(٣) وفي : ص ٧٥ ـ ٨٢ ، ٩٣ ، ١٤١ الطبعة الثانية. (المؤلف)