وهو القائل لمّا سُئل عن عثمان ، ومن قتله ، ومن تولّى كبره : إنّي أخبرك أنّه قُتل بسيف سلّته عائشة ، وصقله طلحة وسمّه ابن أبي طالب ، وسكت الزبير وأشار بيده ، وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه؟ فهل هذه كلّها تجتمع مع التصديق بتلك الرواية؟ سبحان الذي جمع في جنّته الظالم والمظلوم ، والقاتل والمقتول ، والخليفة والخارجين عليه ، إن هي إلاّ اختلاق.
وهل تُصدّق في سعد هذه الرواية وهو المتخلّف عن بيعة إمام وقته ، والمتقاعس عن نصرته بعد ما تمّت بيعته ، وأجمعت عليها الأُمّة ، وأصفق عليها البدريّون والمهاجرون والأنصار ، وحقّت كلمة العذاب على من نزعها من ربقته؟ أفهل نزل في سعد كتاب من الله أخرجه عن محكمات الإسلام وبشّر له بالجنّة؟
وهل يتراءى لك من ثنايا التاريخ وراء صحائف أعمال أبي عبيدة بن الجرّاح ـ حفّار القبور بالمدينة ـ ما يؤهّله لهذه البشارة؟ ويدعم له ما يستحقّ به للذكر من الفضيلة غير ما قام به يوم السقيفة من دحضه ولاية الله الكبرى ، وتركاضه وراء الانتخاب الدستوري ، واقتحامه في تلكم البوائق التي عمّ شؤمها الإسلام ، وهدّت قوائم الوئام والسلام ، وجرّت الويلات على أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى اليوم ، وهتكت حرمة المصطفى في ظلم ابنته بضعة لحمه وفلذة كبده ، واضطهاد خليفته ، واهتضام أخيه علم الهدى؟ فكأنّها كانت كلّها قربات فأوجبت لابن الجرّاح الجنّة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (١).
نبأ يصكّ المسامع :
وجاء بعد لأي من عمر الدهر من لم ير في الرواية فضيلة رابية تخصّ العشرة ،
__________________
(١) الجاثية : ٢١.