أحببناه ، ولا غششناه منذ صحبناه. قال : ويحك يا جارية ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك جارية! قال : أنت يا معاوية كنت أهون على أهلك إذ سمّوك معاوية. إلى آخره. وذكره بطوله وما قبله السيوطي في تاريخ الخلفاء (١) (ص ١٣٣).
وفي لفظ ابن عبد ربّه : قال معاوية لجارية : ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك جارية! قال : ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك معاوية وهي الأُنثى من الكلاب! قال : لا أُمّ لك. قال : أُمّي ولدتني للسيوف التي لقيناك بها في أيدينا ، قال : إنّك لتهدّدني؟ ـ قال : أما والله إنّ القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا ، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا ـ إنّك لم تفتتحنا قسراً ، ولم تملكنا عنوة ، ولكنك أعطيتنا عهداً وميثاقاً ، وأعطيناك سمعاً وطاعة ، فإن وفيت لنا وفينا لك ، وإن فزعت إلى غير ذلك فإنّا تركنا وراءنا رجالاً شداداً وألسنة حِداداً. قال له معاوية : لا كثّر الله في الناس أمثالك. قال جارية : قل معروفاً وراعنا فإنّ شرّ الدعاء المحتطب.
العقد الفريد (٢) (٢ / ١٤٣) في مجاوبة الأُمراء والردّ عليهم ، وذكره الأبشيهي قريباً من هذا اللفظ في المستطرف (٣) (١ / ٧٣) وما ذكرناه بين الخطّين من لفظه.
٦٩ ـ دخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميماً ، فقال له معاوية : إنّك لدميم والجميل خير من الدميم ، وإنّك لشريك وما لله من شريك ، وإنّ أباك لأعور والصحيح خير من الأعور ، فكيف سُدْت قومك؟
فقال له : إنّك معاوية وما معاوية إلاّ كلبة عوت فاستعوت الكلاب ، وإنّك لابن صخر والسهل خير من الصخر ، وإنّك لابن حرب والسلم خير من الحرب ، وإنّك
__________________
(١) تاريخ الخلفاء : ص ١٨٦.
(٢) العقد الفريد : ٣ / ٢١٤.
(٣) المستطرف : ١ / ٥٨.