معاوية في ميزان القضاء
لعمر الحقّ إنّ واحدة من هذه الشهادات كافية في تحطيم قدر الرجل والإسفاف بمستواه إلى الحضيض الأسفل ، فكيف بجميعها؟ فإنّها صدرت من سادات الصحابة وأعيانهم العدول جميعهم عند القوم ، فضلاً عن هؤلاء الذين لا يُشكّ في ورعهم وقداسة ساحتهم عن السقطة في القول والعمل ، ولا سيّما وفيهم الإمام المعصوم ، الخليفة حقّا ، المطهّر بلسان الذكر الحكيم عن أيّ رجاسة ، الذي يدور الحقّ معه حيثما دار ، وهو مع القرآن والقرآن معه ، لن يفترقا حتى يردا الحوض (١) ، وقبل الجميع ما رويناه عن النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّ هذا الإنسان.
فالرجل أخذاً بمجامع تلكم الشهادات الصادقة للسلف الصالح ، محكوم عليه نصّ أقوالهم من دون أيّ تحريف وتحوير منّا ، بأنّه امرؤ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه ، وقاده الضلال فاتّبعه ، وما أتى به من ضلالة ليس ببعيد الشبه ممّا أتى به أهله المشركون الكفرة ، مصيره إلى اللظى ، مبوّؤه النار ، اللعين ابن اللعين ، الفاجر ابن الفاجر ، المنافق ابن المنافق ، الطليق ابن الطليق ، الوثن ابن الوثن ، الجلف المنافق ، الأغلف القلب ، القليل العقل ، الجبان الرذل ، يخبط في عماية ، ويتيه في ضلالة ، شديد اللزوم للأهواء المبتدعة ، والحيرة المتّبعة ، لم يكن من أهل القرآن ، ولا مريداً حكمه ، يجري إلى غاية خُسر ، ومحلّة كفر ، قد أولجته نفسه شرّا ، وأقحمته
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا [ص : ٢٥١]. (المؤلف)