ـ ٣ ـ
معاوية يتمّ في السفر
أخرج الطبراني ، وأحمد (١) ، بإسناد صحيح من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير ، قال : لمّا قدم علينا معاوية حاجّا ، قدمنا معه مكة قال : فصلّى بنا الظهر ركعتين ثم انصرف إلى دار الندوة ، قال : وكان عثمان حين أتمّ الصلاة ، فإذا قدم مكة صلّى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً أربعاً ، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصّر الصلاة ، فإذا فرغ من الحجّ وأقام بمنى أتمّ الصلاة حتى يخرج من مكة ، فلمّا صلّى بنا الظهر ركعتين ، نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان ، فقالا له : ما عاب أحد ابن عمّك بأقبح ما عبته به ، فقال لهما : وما ذاك؟ قال : فقالا له : ألم تعلم أنّه أتمّ الصلاة بمكة. قال : فقال لهما : ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صلّيتهما مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع أبي بكر وعمر. قالا : فإنّ ابن عمّك قد أتمّها وإنّ خلافك إيّاه له عيب ، قال : فخرج معاوية إلى العصر فصلاّها بنا أربعاً (٢).
قال الأميني : انظر إلى مبلغ هؤلاء الرجال أبناء بيت أُميّة من الدين ، ولعبهم بطقوس الإسلام ، وجرأتهم على الله وتغيير سنّته ، وإحداثهم في الصلاة وهي أفضل ما بُنيت عليه البيضاء الحنيفية ، وانظر إلى ابن هند حلف الخمر والربا وكيف يترك ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجد هو عمله عليه ، ووافقه هو مع أبي بكر وعمر ، ثم يعدل عنه لمحض أنّ ابن عمّه غيّر حكم الشريعة فيه ، وأنّ مروان بن الحكم طريد رسول الله وابن طريده ، الوزغ ابن الوزغ ، اللعين ابن اللعين على لسان النبيّ العظيم ،
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٥٨ ح ١٦٤١٥.
(٢) مرّ تفصيل الكلام حول ما أحدثه عثمان في صلاة المسافر خلاف سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجزء الثامن : ص ٩٨ ـ ١١٩ ، وأسلفنا الحديث في : ٨ / ٢٦٢. (المؤلف)