ـ ١١ ـ
حدّ من حدود الله متروك
ذكر الماوردي وآخرون أنّ معاوية أُتي بلصوص فقطعهم ، حتى بقي واحد من بينهم ، فقال :
يميني أميرَ المؤمنين أُعيذُها |
|
بعفوِك أن تلقى نكالاً يُبينها (١) |
يدي كانت الحسناءَ لو تمّ سترُها |
|
ولا تعدمُ الحسناءُ عيباً يشينها |
فلا خير في الدنيا وكانت حبيبةً |
|
إذا ما شمالي فارقتها يمينها |
فقال معاوية : كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك. فقالت أُمّ السارق : يا أمير المؤمنين اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها. فخلّى سبيله ، فكان أوّل حدّ ترك في الإسلام (٢).
قال الأميني : أفهل عرف معاوية من هذا اللصّ خصوصيّة استثنته من حكم الكتاب النهائيّ العامّ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٣)؟! أم أنّ الرأفة بأُمّه تركت حدّا من حدود الله لم يُقَم؟ وفي الذكر الحكيم (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (٤) (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥) (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٦) أم أنّه كان لمعاوية
__________________
(١) يُبينها : من أبان الشيء إذا قطعه.
(٢) الأحكام السلطانية ص ٢١٩ [٢ / ٢٢٨] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٣٦ [٨ / ١٤٥ حوادث سنة ٦٠ ه] ، محاضرة السكتواري : ص ١٦٤. (المؤلف)
(٣) المائدة : ٣٨.
(٤) الطلاق : ١.
(٥) البقرة : ٢٢٩.
(٦) النساء : ١٤.