القضيّة ، وهي أول قضيّة من قضايا الإسلام ردّت ، ولذا صارت بليّة شنيعة ، ومحنة فاحشة بين الأُمّة ، وأبغض الوسائل تعدّيه على أفضل الملّة ، وأحبّ العترة. انتهى.
ولا أحسب أنّ أحداً من رجالات الدين يشذّ عمّا قاله الجاحظ في رسالته (١) الثابتة في بني أميّة (ص ٢٩٣) : فعندها استوى معاوية على الملك واستبدّ على بقيّة الشورى ، وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سمّوه عام الجماعة ، وما كان عام جماعة بل كان عام فرقة وقهر وجبريّة وغلبة ، والعام الذي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسرويّا ، والخلافة منصباً قيصريّا ، ولم يعدُ ذلك أجمع الضلال والفسق ، ثم ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا ، وعلى منازل ما رتّبنا ، حتى ردّ قضيّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رداً مكشوفاً ، وجحد حكمه جحداً ظاهراً في ولد الفراش وما يجب للعاهر ، مع إجماع الأمّة على أنّ سميّة لم تكن لأبي سفيان فراشاً ، وأنّه إنّما كان بها عاهراً ، فخرج بذلك من حكم الفجّار إلى حكم الكفّار. انتهى.
ولو تحرّينا موبقات معاوية المكفّرة له وجدنا هذه في أصاغرها ، فجلّ أعماله ـ إن لم يكن كلها ـ على الضدّ من الكتاب والسنّة الثابتة ، فهي غير محصورة في مخالفته لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
ـ ١٤ ـ
بيعة يزيد أحد موبقات معاوية الأربع (٢)
إنّ من موبقات معاوية وبوائقه ـ وهو كلّه بوائق ـ أخذه البيعة لابنه يزيد على كُره من أهل الحلّ والعقد ، ومراغمة لبقايا المهاجرين والأنصار ، وإنكار من أعيان الصحابة الباقين ، تحت بوارق الإرهاب ، ومعها طلاة المطامع لأهل الشره والشهوات.
__________________
(١) رسائل الجاحظ ـ الرسائل الكلامية ـ : ص ٢٤١.
(٢) راجع كلمة الحسن البصري المذكورة قبيل هذا ، صفحة : ٢٢٥. (المؤلف)