وقال : حكى الحسن بن رشيق قصّة سعيد مع معاوية بأطول ممّا مرّ ـ ثم ذكر حكاية ابن رشيق ـ وفيها : فولاّه معاوية خراسان وأجازه بمائة ألف درهم.
كتب معاوية في بيعة يزيد :
كتب معاوية إلى مروان بن الحكم : إنّي قد كبرت سنّي ، ودقّ عظمي ، وخشيت الاختلاف على الأُمّة بعدي ، وقد رأيت أن أتخيّر لهم من يقوم بعدي ، وكرهت أن أقطع أمراً دون مشورة من عندك ، فاعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي يردّون عليك.
فقام مروان في الناس فأخبرهم به ، فقال الناس : أصاب ووفّق ، وقد أجبنا أن يتخيّر لنا فلا يألو.
فكتب مروان إلى معاوية بذلك فأعاد إليه الجواب بذكر يزيد. فقام مروان فيهم وقال : إنّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل وقد استخلف ابنه يزيد بعده.
فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ، ما الخيار أردتما لأُمّة محمد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقليّة كلّما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان : هذا الذي أنزل الله فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما). الآية ، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب وقالت : يا مروان يا مروان ، فأنصت الناس ، وأقبل مروان بوجهه فقالت : أنت القائل لعبد الرحمن أنّه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله ما هو به ولكنّه فلان بن فلان ، ولكنّك أنت فضض من لعنة نبيّ الله (١).
وقام الحسين بن عليّ فأنكر ذلك ، وفعل مثله ابن عمر ، وابن الزبير ، فكتب مروان بذلك إلى معاوية ، وكان معاوية قد كتب إلى عمّاله بتقريظ يزيد ووصفه وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار ، فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة ،
__________________
(١) راجع ما أسلفناه في الجزء الثامن : ص ٢٥٢ ، ٢٥٣ الطبعة الأولى وص ٢٤٦ الطبعة الثانية. (المؤلف)