ـ ١٥ ـ
جنايات معاوية في صفحات تاريخه السوداء
إنّما نجتزئ منها على شيء يسير يكون كأنموذج ممّا له من السيّئات التي ينبو عنها العدد ، ويتقاعس عنها الحساب ، ويستدعي التبسّط فيها مجلّدات ضخمة فمنها : دأبه على لعن مولانا علي أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ ، وكان يقنت به في صلواته كما مرّ حديثه في الجزء الثاني (ص ١٣٢) ، واتّخذه سنّة جارية في خطب الجمعة والأعياد ، وبدّل سنّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبة العيدين المتأخّرة عن صلاتهما وقدّمها عليها ، لإسماع الناس لعن الإمام الطاهر ، كما مرّ تفصيله في الجزء الثامن (ص ١٦٤ ـ ١٦٧) وأوعزنا إليه في هذا الجزء (ص ٢١٢) وكان يأمر عمّاله بتلك الأُحدوثة الموبقة ، ويحثّ الناس عليها ، ويوبّخ المتوقّفين عنها ، ولا يصيخ إلى قول أيّ ناصح وازع.
١ ـ أخرج مسلم ، والترمذي ، عن طريق عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، قال : أمر معاوية سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلن أسبّه ، لَأَن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم. فذكر حديث المنزلة ، والراية ، والمباهلة. وأخرجه الحاكم وزاد : فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة (١).
وفي لفظ الطبري من طريق ابن أبي نجيح ، قال : لمّا حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد ، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة فأجلسه معه على سريره ، ووقع معاوية في عليّ ، وشرع في سبّه ، فزحف سعد ثم قال : أجلستني معك على سريرك ثم
__________________
(١) راجع صحيح مسلم : ٧ / ١٢٠ [٥ / ٢٣ ح ٣٢ كتاب فضائل الصحابة] ، صحيح الترمذي : ١٣ / ١٧١ [٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٤] ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٠٩ [٣ / ١١٧ ح ٤٥٧٥]. (المؤلف)