طاعة ، ولا أقلّ من الرجحان في متعلّق النذر ، كما مرّ بيانه في الجزء الثامن (١) (ص ٧٩ الطبعة الأولى) ، فبأيّ كتاب أم بأيّة سنّة يسوغ هذا النذر لصاحبه إن كان من أهلهما ، ويسع له أن يقول : لله عليّ كذا؟
وهل يجوز في شرع الإسلام اليمين بإذابة الرصاص في أُذن مسلم صحابيّ عادل لا يتبع أهواء معاوية ، ولا يُخبت إلى ضلالاته؟ وهل كان يحلف الرجل بإله محمد وعليّ صلوات الله عليهما وآلهما وهما وربّهما برآء عن مثل هذا الحلف وصاحبه؟ أو كان يقصد إله آبائه دعائم الشرك وعبدة هبل ، حملة الأوزار المستوجبين النار؟
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢)
ـ ١٨ ـ
قذائف موبقة في صحائف ابن آكلة الأكباد
هاهنا في أيّ كفّة تجد معاوية وأعماله الشاذّة عن الإسلام؟ فهل تراه أثقل ميزانه بالصالحات؟ أو أنّه خفّفها بكلّ موبقة مهلكة؟ وأنّه كان يطفّفها ويخفّف المكيال كيفما وزن وكال ، وليت ابن هند أدلى بما عنده من الشبه في هذه القضيّة ـ قتاله عليّا عليهالسلام ـ لنمعن النظر فيها إمعان استشفاف لما وراءها ، لكنّه فات المخذول أن يدلي بشيء من ذلك لا تعارضه البرهنة ، ولا يفنّده المنطق غير أمرين أراد بهما تلويثاً لساحة قدس الإمام ، وإن كان هو كشف عن عورته ساعة عرف الناس كذبه في الأمرين جميعاً.
الأوّل : نسبة الإلحاد إليه ـ سلام الله عليه ـ وأنّه لا يصلّي ، هذا وقد وضح الإسلام بسيفه ، وقامت الصلاة بأيده ، يموّه بذلك على الرعرعة الدهماء من الشاميّين.
قال الجاحظ : إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهمّ إنّ أبا تراب ، ألحد
__________________
(١) ص : ١١٥ ، ١١٦ من هذه الطبعة.
(٢) الشعراء : ٢٢٧.