أيسوغ مثل هذا الحمد والثناء لمن يؤمن بالله واليوم الآخر ، وصدّق نبيّ الإسلام وما جاء به؟ أم هل يتصوّر توجيهه إلى ربّ محمد وعليّ؟ وقد تمّت بهما كلمة الله صدقاً وعدلاً ، وقامت بهما دعائم الدين الحنيف ، وبسعيهما أدركت الأُمّة المرحومة سعادة الأبد.
نعم ، له مسرح إن وجّه إلى هبل إله آباء معاوية وإلهه إلى أُخريات أيّام النبوّة إن لم نقل إلى آخر نفس لفظه معاوية ، وقد كان مرتكزاً في أعماق قلبه ، ومزيج نفسه طيلة ما لهج بأمثال هذه الأقاويل المخزية.
ثم أيّ مسلم يبلغ أمله عند قتل إمام الحقّ ، ووأد خطّة الهدى ، إلاّ من ارتطم في الضلالة ، وسبح في الإلحادسبحاً طويلاً؟
وأمّا قوله : وأهلك الله أهل البغي والعدوان. فانظر واقرأ قول العزيز الحكيم : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (١) يلهج بهذه الكلمة كأنّه بمجلب عن البغي والعدوان ـ وهو ولفيفه هم الفئة الباغية بنصّ النبيّ الأعظم ـ وهو يندّد بمن يحسب أنّه تردّى بهما. نعم ؛ حنّ قدح ليس منها. هل الباغي هو من خرج على إمام زمانه يناضله وينازله؟ أو أنّ إمام الوقت ـ المعصوم بنصّ الكتاب ـ هو الباغي؟ والعياذ بالله ، وإن كان القوم أعداءه وهو عدوّ لهم فهم أعداء الله وأعداء رسوله بغير واحد من النصوص النبويّة ، وقد شملتهم دعوة صاحب الرسالة المتواترة : «وعادِ من عاداه ، واخذل من خذله».
نظرة فيما تشبّث به معاوية في قتال علي عليهالسلام :
الثاني من الأمرين اللذين تشبّث بهما ابن آكلة الأكباد في تثبيط الملأ عن نصرة الإمام عليهالسلام وتأليبهم على قتاله : أنّ عنده ثأر عثمان وعليه ترته ، وللحاكم في هذه
__________________
(١) الكهف : ٥.