وما لعليٍّ في ابن عفّان سقطةٌ |
|
بأمرٍ ولا جلبٍ عليه ولا قتلْ (١) |
وما كان إلاّ لازماً قعرَ بيتهِ |
|
إلى أن أتى عثمانَ في بيته الأجلْ |
فمن قال قولاً غيرَ هذا فحسبُه |
|
من الزورِ والبهتانِ قولُ الذي احتملْ |
وصيّ رسول الله من دون أهله |
|
فوارسه الأولى به يُضرب المثلْ (٢) |
فلمّا قرأ شُرحبيل الكتاب ذعر وفكّر ، وقال : هذه نصيحة لي في ديني ودنياي. ولا والله لا أعجل في هذا الأمر بشيء وفي نفسي منه حاجة. فاستتر له القوم ، ولفّف له معاوية الرجال يدخلون إليه ويخرجون ، ويُعظّمون عنده قتل عثمان ويرمون به عليّا ، ويقيمون الشهادة الباطلة والكتب المختلقة ، حتى أعادوا رأيه وشحذوا عزمه ، وبلغ ذلك قومه ، فبعث ابن أُخت له من بارق ـ وكان يرى رأي عليّ بن أبي طالب فبايعه بعد ، وكان ممّن لحق من أهل الشام وكان ناسكاً ـ فقال :
لعمر أبي الأشقى ابن هند لقد رمى |
|
شُرحبيل بالسهمِ الذي هو قاتلُه |
ولفّف قوماً يسحبون ذيولَهم |
|
جميعاً وأولى الناسِ بالذنب فاعلُه |
فألفى يمانيّا ضعيفاً نخاعُه |
|
إلى كلّ ما يهوون تُحدى رواحلهُ |
فطاطا لها لمّا رموْهُ بثقلِها |
|
ولا يُرزَقُ التقوى من اللهِ خاذلُه |
ليأكل دنياً لابنِ هندٍ بدينِهِ |
|
ألا وابنُ هندٍ قبلَ ذلك آكلُه |
وقالوا عليّ في ابن عفّان خدعةً |
|
ودبَّت إليه بالشنان غوائلُه |
ولا والذي أرسى ثبيراً مكانه |
|
لقد كُفَّ عنه كفّه ووسائلُه |
وما كان إلاّ من صحاب محمدٍ |
|
وكلّهمُ تغلي عليه مراجلُه |
فلمّا بلغ شُرحبيل هذا القول قال : هذا بَعيث الشيطان ، الآن امتحن الله قلبي ،
__________________
(١) في شرح ابن أبي الحديد [٣ / ٨١ خطبة ٤٣] : يقول ولا مالا عليه ولا قتل. الممالأة : المساعدة. (المؤلف)
(٢) في شرح ابن أبي الحديد [٣ / ٨١ خطبة ٤٣] : ومن باسمه في فضله يضرب المثل. (المؤلف)