الحسن بن علي : «أو عجب ذلك يا معاوية؟» قال : إي والله ، قال : أفلا أخبرك بما هو أعجب من هذا؟ قال : ما هو؟ قال : «جلوسك في صدر المجلس وأنا عند رجليك».
شرح ابن أبي الحديد (١) (٤ / ٥).
وهكذا كان أكابر الصحابة مناوئين له في المدينة الطيّبة فأسمعوه النكير ، وسمعوا إدّا من القول. ورأوا إمراً من أمره ، وشاهدوا منه أحداثاً وبدعاً في الدين الحنيف تخلد مع الأبد ، وعاينوا منه جنايات على الأمّة الإسلاميّة وصلحائها وعظمائها ، من هتك ، وحبس ، وشتم ، وسبّ مقذع ، وضرب ، وتنكيل ، وعذاب ، وقتل ، قطّ لا تُغفر له ـ وحاش لله أن يغفرها له ، دع عمر بن عبد العزيز يرى في الطيف أنّه مغفور له (٢) ـ وتذمّرت عليه صلحاء أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لما جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه من لعنه والتخذيل عنه ، وأمره الصحابة بقتاله ، وتوصيفه فئته بالقسط ، وأنّها الفئة الباغية ، وقوله السائر الدائر : «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه» (٣) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «الخلافة بالمدينة والملك بالشام» (٤).
ليت شعري أين كان ابن عمر من هذه كلّها؟ ومن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحاسم لمادّة النزاع : «ستكون خلفاء فتكثر». قالوا : فما تأمرنا؟ قال : «فُوا ببيعة الأوّل فالأوّل» (٥).
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد : ١٦ / ١٢.
(٢) سيوافيك تفصيله إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(٣) كنوز الدقائق للمناوي : ص ١٠ [١ / ١٩] ، أخرجه ابن عدي [في الكامل في ضعفاء الرجال : ٢ / ١٤٦ رقم ٣٤٣] عن أبي سعيد والعقيلي عن طريق الحسن وسفيان بن محمد من طريق جابر وغيرهم. وسيوافيك الكلام في إسناده إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(٤) تاريخ ابن كثير : ٦ / ٢٢١ [٦ / ٢٤٧ حوادث سنة ١١ ه]. (المؤلف)
(٥) صحيح مسلم : ٦ / ١٧ [٤ / ١١٩ ح ٤٤ كتاب الإمارة] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٢٠٤ [٢ / ٩٥٨ ح ٢٨٧١] ، سنن البيهقي : ٨ / ١٤٤ ، عن الشيخين ، تيسير الوصول : ٢ / ٣٥ عن الشيخين أيضاً [٢ / ٤٢] مسند أحمد : ٢ / ٢٩٧ [٢ / ٥٧٦ ح ٧٩٠٠] ، المحلّى : ٩ / ٣٦٠ [مسألة ١٧٧١]. (المؤلف)