وعَدَلا في الأُمّة ، وقد وجدنا عليهما أن تولّيا علينا ، ونحن آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فغفرنا ذلك لهما ، وولي عثمان رضى الله عنه فعمل بأشياء عابها الناس عليه ، فساروا إليه فقتلوه ، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أُمورهم ، فقالوا لي : بايع ، فأبيت عليهم ، فقالوا لي : بايع ، فإنّ الأُمّه لا ترضى إلاّ بك ، وإنّا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس ، فبايعتهم ، فلم يرعني إلاّ شقاق رجلين قد بايعاني ، وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عزّ وجلّ له سابقة في الدين ، ولا سلف صدق في الإسلام ، طليق ابن طليق ، حزب من هذه الأحزاب ، لم يزل لله عزّ وجلّ ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وللمسلمين عدوّا ، هو وأبوه ، حتى دخلا في الإسلام كارهين ، فلا غرو إلاّ خلافكم معه ، وانقيادكم له ، وتدعون آل نبيّكم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم ، ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحداً ، ألا إنّي أدعوكم إلى كتاب الله عزّ وجلّ ، وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإماتة الباطل ، وإحياء معالم الدين ، أقول قولي هذا ، واستغفر الله لي ولكم ولكلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة».
فقالا : اشهد أنّ عثمان رضى الله عنه قُتل مظلوماً. فقال لهما : «لا أقول إنّه قُتل مظلوماً ، ولا أنّه قُتل ظالماً». قالا : فمن لم يزعم أنّ عثمان قُتل مظلوماً فنحن منه برآء. ثم قاما فانصرفا ، فقال عليّ : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (١). (٢)
أنباءٌ في طيّات الكتب تُعرب عن مرمى معاوية :
هلمّ معي ننظر في شطر من كتب ابن حرب المعربة عن مرماه الذي كان تركاضه وراءه ، هل فيها إيعاز أو تلويح أو تصريح بغايته المتوخّاة في نزاعه الإمام الطاهر عليهالسلام ، وأنّه كان يروم الخلافة ويحوم حولها وينازع الأمر أهله ، رغم إنكار ابن
__________________
(١) النمل : ٨٠ ، ٨١.
(٢) تاريخ الطبري : ٦ / ٤ [٥ / ٧ حوادث سنة ٣٧ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ١٢٥ [٢ / ٣٦٨ حوادث سنة ٣٧ ه] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٥٨ [٧ / ٢٨٧ حوادث سنة ٣٧ ه]. (المؤلف)