فكتب إليه الإمام عليهالسلام :
«زعمت أنّك إنّما أفسد عليك بيعتي خُفري (١) بعثمان ، ولعمري ما كنت إلاّ رجلاً من المهاجرين ، أوردت كما أوردوا ، وأصدرت كما أصدروا ، وما كان ليجمعهم على ضلال ، ولا ليضربهم بالعمى ، وما أمرتُ فلزمتني خطيئة الأمر ، ولا قتلتُ فأخاف على نفسي قصاص القاتل.
وأمّا قولك : إنّ أهل الشام هُم حكّام أهل الحجاز ، فهات رجلاً من قريش الشام يُقبل في الشورى ، أو تحلّ له الخلافة ، فإن سمّيت كذّبك المهاجرون والأنصار ، ونحن نأتيك به من قريش الحجاز ، فارجع إلى البيعة التي لزمتك ، وحاكم القوم إليّ.
وأمّا تمييزك بين أهل الشام والبصرة ، وبينك وبين طلحة والزبير ، فلعمري فما الأمر هناك إلاّ واحد ، لأنّها بيعة عامّة ، لا يتأتّى (٢) فيها النظر ، ولا يُستأنف فيها الخيار».
ومن كتاب كتبه معاوية إلى عليّ عليهالسلام في أواخر حرب صفّين :
فإن كنت ـ أبا حسن ـ إنّما تحارب على الإمرة والخلافة ، فلعمري لو صحّت خلافتك لكنت قريباً من أن تُعذر في حرب المسلمين ، ولكنّها ما صحّت لك ، أنّى بصحّتها وأهل الشام لم يدخلوا فيها ولم يرتضوها؟ وخف الله وسطواته ، واتّق بأسه ونكاله ، واغمد سيفك عن الناس ، فقد والله أكلتهم الحرب ، فلم يبق منهم إلاّ كالثمد (٣) في قرارة الغدير. والله المستعان.
فكتب عليّ عليهالسلام إليه كتاباً منه :
«وأمّا تحذيرك إيّاي أن يحبط عملي وسابقتي في الإسلام ، فلعمري لو كنت
__________________
(١) الخفر : نقض العهد ، الغدر. (المؤلف)
(٢) في وقعة صفين : يثنّى.
(٣) الثمد : الماء القليل يتجمع في الشتاء وينضب في الصيف. (المؤلف)