عبّاس : ذاك والله أدحض لحجّتك. مستدرك الحاكم (١) (٣ / ٤٦٧).
قال الأميني : إنّ هذه الكلم لتعطي القارئ دروساً ضافية من تحرّي معاوية للخلافة لا غيرها من أوّل يومه ، ولم يكن في وسع ابن آكلة الأكباد دفع شيء ممّا كتب إليه من ذلك ، وإنّه كان يريد ، على فرض قصوره عن نيل كلّ الأُمنية ، القناعة ببعضها ، فيصفو له ملك الشام ومصر ، وللإمام عليهالسلام ما تحت يده من الحواضر الإسلاميّة وزرافات الأجناد ، عسى أن يتّخذ ذلك وسيلة للتوصّل إلى بقيّة الأمل في مستقبل أيّامه ، وكانت هذه القسمة ابتداعاً في أمر الخلافة الإسلاميّة ، وتفريقاً بين صفوفها ، لم تأل إلى سابقة في الدين ، ولا أمضاها أهله في دور من الأدوار ، وإنّما هي فصمة في الجماعة ، وتفريق للطاعة ، وتفكيك لعرى الإسلام ، وتضعيف لقواه ، وبيعة عامّة تلزم القاصي والداني لا يُستثنى منها جيل دون جيل ، ولا يجوز انحياز أُمّة عنها دون أُمّة ، وإنّما هو الخليفة الأخير الذي أوجبت الشريعة قتله كما مرّ حديثه الصحيح الثابت ، وإنّه هو معاوية نفسه ، فما كان يسع الإمام عليهالسلام والحالة هذه إلاّ قتال هذا الطاغية أو يفيء إلى أمر الله.
فكرة معاوية لها قدم :
إنّ رأي معاوية في خلافة الإمام عليهالسلام لم يكن وليد يومه ولا بنت ليلته ، وإنّما كان مناوئاً منذ فرّق بينهما الإسلام ، وقُتل في يوم واحد أخوه وجدّه وخاله بسيف عليّ عليهالسلام ، فلم يزل يلهج ويهملج في تفخيذ الناس عنه ـ صلوات الله عليه ـ من يوم قتل عثمان ، بعث رجلاً من بني عُميس وكتب معه كتاباً إلى الزبير بن العوام ، وفيه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان.
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٥٣٠ ح ٥٩٦٩.