مُنغل الشام ، والسلام (١).
قال الأميني : هذه شنشنة معاوية منذ بلغه أمر الإمام عليهالسلام وانعقاد البيعة له ، فوجد نفسه عند الأُمّة في معزل عن المشورة أو اعتضاد في رأي ، وأنّ البيعة لاحقته لا محالة ، فلم يجد منتدحاً عن إقلاق الأمر على صاحب البيعة الحقّة ، وأن يستدني منه أمانيّه الخلاّبة بتعكير الصفو له عليهالسلام ، فطفق يفسد ما اطمأن إليه من الأمصار ، ويوعز في كتبه إلى إفساد الرأي ، وتفريق الكلمة ، وهو ضالّته المنشودة.
وإن تعجب فعجب أخذه البيعة لطلحة والزبير واحداً بعد آخر وقد ثبت في أعناقهما بيعة الإمام عليهالسلام ، وكانت هذه البيعة إبّان ثبوت بيعتهما كما ينمّ عنه نصّ كتبه إليهما ، ثم ومن هو معاوية حتى يرشّح أحداً للخلافة بعد انعقاد الإجماع لخليفة الحقّ؟ ولم يكن هو من أهل الترشيح حتى لو لم تنعقد البيعة المذكورة.
على أنّ الغبيّ لم يهتدِ إلى أنّ أخذ البيعة لهما مستلزم لنكثهما البيعة الأولى ، وما غناء إمام ناكث عن مناجح الأُمّة ومصالحها؟ مع أنّهما على تقدير صحّة البيعة يكون كلّ منهما ثاني الخليفتين الذي يجب قتله بالنصوص الصحيحة الثابتة (٢) ، فهل هناك خليفة على المسلمين يجب إعدامه؟!
مناظرات وكلم :
١ ـ قال أبو عمر في الاستيعاب (٣) كان عبد الرحمن بن غنم ـ الصحابي ـ من أفقه أهل الشام وهو الذي فقّه عامّة التابعين بالشام ، وكانت له جلالة وقدر ، وهو الذي عاتب أبا هريرة وأبا الدرداء بحمص إذ انصرفا من عند عليّ رضى الله عنه رسولين
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(٢) راجع ما مرّ في هذا الجزء [ص ٣٢٠]. (المؤلف)
(٣) ترجمة عبد الرحمن بن غنم الأشعري : ٢ / ٤٠٢ [الاستيعاب : القسم الثاني / ٨٥٠ رقم ١٤٤٩] ، أُسد الغابة : ٣ / ٣١٨ [٣ / ٤٧٨ رقم ٣٣٧٠]. (المؤلف)