مراجع الأُمّة في مشكلات القرآن ومغازيه ، وتنزيله ، وتأويله ، كعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن العبّاس ، وأُبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت.
وأمّا مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فهو عدل القرآن والعالم بأسراره وغوامضه ، كما أنّ عنده العلم الصحيح بكلّ مشكلة ، والحكم الباتّ عند كلّ قضيّة ، والجواب الناجع عند كلّ عويصة ، وقد صحّ عند الأُمّة جمعاء قوله الصادق المصدّق صلوات الله عليه : «سلوني قبل أن لا تسألوني ، لا تسألوني عن آية في كتاب الله ولا سنّة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ أنبأتكم بذلك». راجع الجزء السادس (ص ١٩٣).
السنّة :
وما ذا تحسب أن يكون نصيب معاوية من علم الحديث الذي هو سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من قوله وفعله وتقريره؟ لقد عرّفنا موقفه منها قوله هو فيما أخرجه أحمد في مسنده (١) (٤ / ٩٩) من طريق عبد الله بن عامر قال : سمعت معاوية يحدّث وهو يقول : إيّاكم وأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ حديثاً كان على عهد عمر. لما ذا هذا التحذير عن الأحاديث بعد أيّام عمر؟ ألأنّ الافتعال والوضع كثرا بعده؟ أم لأنّ الصحابة العدول الموثوق بهم على عهد عمر وما قبله منذ تصرّم العهد النبوي سُلبت عنهم الثقة بعد خلافة عمر؟ فكأنّهم ارتدّوا ـ العياذ بالله ـ بعده كذّابين وضّاعين ، ولازمه الطعن في أكثر الأحاديث ، وعدم الاعتداد بمدارك الأحكام ، لأنّ شيئاً كثيراً منها انتشر بعد ذلك الأجل ، وما كانت الدواعي والحاجة تستدعيان روايتها قبل ذلك ، على أنّ الجهل بتاريخ إخراجها ، هل هو في أيّام عمر أو بعدها يوجب سقوطها عن الاعتبار لعدم الثقة برواتها وروايتها ، ولم تكن الرواة تُسجّل تاريخ ما يروونه حتى يُعلم أن أيّا منها محاط بسياج الثقة ، وأيّا منها منبوذ وراء سورها.
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٦٦ ح ١٦٤٦٧.