ولو كان السلف الصالح يرى شيئاً زهيداً من هداية الرجل واهتدائه أثر ذلك الدعاء المستجاب ، لما كانوا يعرفونه في صريح كتاباتهم وخطاباتهم بالنفاق والضلال والإضلال.
وللسيّد العلاّمة ابن عقيل كلمة حول هذه المنقبة المزيّفة ونعمّا هي ، قال في النصائح الكافية (١) (ص ١٦٧) : وهاهنا دلالة على عدم استجابةالله هذه الدعوة لمعاوية لو فرضنا صحّة الحديث ، من حديث صحيح أخرجه مسلم (٢) عن سعد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سألت ربّي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ، سألت ربّي أن لا يهلك أُمّتي بالسنة (٣) فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أُمّتي بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها». تعرف بهذا الحديث وغيره شدّة حرصه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن يكون السلم دائماً بين أُمّته ، فدعا الله تارةً أن لا يكون بأس أُمّته بينهم كما في حديث مسلم ، وتارة أن يجعل معاوية هادياً مهديّا لأنّه بلا ريب يعلم أنّ معاوية أكبر من يبغي ويجعل بأس الأُمّة بينها ، فمآل الدعوتين واحد ، وعدم الإجابة في حديث مسلم تستلزم عدمها في حديث الترمذي ، والمناسبة بل التلازم بينهما واضح بيّن ، وفي معنى حديث مسلم هذا جاءت أحاديث كثيرة ومرجعها واحد.
الرواية الثانية :
اللهمَ علّمه الكتاب والحساب وقهِ العذاب :
في إسنادها الحارث بن زياد ، وهو ضعيف مجهول كما قاله ابن أبي حاتم (٤) ، عن
__________________
(١) النصائح الكافية : ص ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٢) صحيح مسلم : ٥ / ٤١٠ ح ٢٠ كتاب الفتن.
(٣) السنة : القحط والمجاعة.
(٤) الجرح والتعديل : ٣ / ٧٥ رقم ٣٤٥.