[الفريق الأول] :
ومن نماذج الفريق الأوّل من أخباره قوله : ما أُعطي أحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الجماع ما أُعطيت أنا (١) ، وهو يُعطينا أنّه رجل شهويّ لا صلة له بغيرها ، ومن ضعف رأيه أنّه حسب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مثله بل أربى منه في الجماع ، جهلاً منه بأنّ ملكات صاحب الرسالة وقواه كلّها كانت متعادلة ثابتة على نقطة المركز قد تساوت إليها خطوط الدائرة ، فإذا آن له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يفخر فخر بجميعها على حدّ واحد ، لا كابن عمر شهوة قويّة مهلكة ، وعقليّة ضعيفة يباهي بالجماع وقد ترك غيره ، وهي التي كانت تحذّر أباه من أن يأذن له بالجهاد حين استأذنه له فقال : أي بُنيّ إنّي أخاف عليك الزنا (٢) ، فما قيمة رجل في مستوى الدين ، وهو يُمنع عن مواقف الجهاد حذراً من معرّة شهوته الغالبة ، وسقطات شغبه وشبقه؟
نعم ؛ كان لابن عمر أن يُشبّه نفسه بأبيه ـ ومن يشابه أبه فما ظلم ـ إذ له كلمة قيّمة في النكاح تُعرب عن قوّة شهوته ، قال محمد بن سيرين : قال عمر بن الخطاب : ما بقي فيّ شيء من أمر الجاهليّة إلاّ أنّي لست أُبالي أيّ الناس نكحت وأيّهم أنكحت.
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٣) (٣ / ٢٠٨) ، ورواه عبد الرزّاق (٤) كما في كنز العمّال (٥) (٨ / ٢٩٧).
ومن جرّاء تلك النزعة الجاهليّة التي كانت قد بقيت فيه قحم في مآثم سجّلها له التاريخ ، جاء عنه أنّه أتى جارية له فقالت : إنّي حائض فوقع بها فوجدها حائضاً ،
__________________
(١) نوادر الأصول للحكيم الترمذي : ص ٢١٢ [٢ / ٤ الأصل ١٦٥]. (المؤلف)
(٢) سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي : ص ١١٥ ، وفي طبعة ص ١٣٨ [ص ١٤٤]. (المؤلف)
(٣) الطبقات الكبرى : ٣ / ٢٨٩.
(٤) المصنّف : ٦ / ١٥٢ ح ١٠٣٢١.
(٥) كنز العمّال : ١٦ / ٥٣٤ ح ٤٥٧٨٧.