أبو هريرة. فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض وقال : لقد فرّطنا في قراريط كثيرة (١).
ولعلّ الباحث لا يشكّ إذا وقف على هذه الروايات وأمثالها في أنّ رواية ابن عمر لا تقلّ عن فقاهته في الرداءة ، ومن هذا شأنه في الفقه والحديث لا يعبأ به وبرأيه ، ولا يوثق بحديثه.
رأي ابن عمر في القتال والصلاة :
ومنها : أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢) (٤ / ١١٠) طبعة ليدن عن ابن عمر أنّه كان يقول : لا أُقاتل في الفتنة ، وأُصلّي وراء من غلب. وقال ابن حجر في فتح الباري (٣) (١٣ / ٣٩) : كان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أنّ إحدى الطائفتين محقّة والأخرى مبطلة. وقال ابن كثير في تاريخه (٤) (٩ / ٥) : كان في مدّة الفتنة لا يأتي أميراً إلاّ صلّى خلفه ، وأدّى إليه زكاة ماله.
يتراءى هاهنا من وراء ستر رقيق تترّس ابن عمر بأُغلوطته هذه عن سُبّة تقاعده عن حرب الجمل وصفّين مع مولانا أمير المؤمنين ، ذاهلاً عن أنّ هذه جناية أخرى لا يُغسل بها دنس ذلك الحوب الكبير ، متى كانت تلكم الحروب فتنة حتى يتظاهر ابن عمر تجاهها بزهادة جامدة لاقتناص الدهماء؟ والأمر كما قال حذيفة اليماني ذلك الصحابي العظيم : لا تضرّك الفتنة ما عرفت دينك ، إنّما الفتنة إذا اشتبه
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٢٣٩ [١ / ٤٤٥ ح ١٢٦٠] ، صحيح مسلم : ٣ / ٥٢ ، ٥٣ [٢ / ٣٤٥ ح ٥٦ كتاب الجنائز]. (المؤلف)
(٢) الطبقات الكبرى : ٤ / ١٤٩.
(٣) فتح الباري : ١٣ / ٤٧.
(٤) البداية والنهاية : ٩ / ٨ حوادث سنة ٧٤ ه.