أرأيت قول الله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أخبرني عن هذه الآية. فقال عبد الله : ومالك ولذلك؟ انصرف عنّي ، فانطلق حتى توارى عنّا سواده ، أقبل علينا عبد الله بن عمر فقال : ما وجدت في نفسي من شيء من أمر هذه الأُمّة ما وجدت في نفسي أنّي لم أُقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عزّ وجلّ.
هذه حجّة الله الجارية على لسان ابن عمر ونفثات ندمه ، وهل أثّرت تلكم الحجج في قلبه؟ وصدّق الخبر الخبر يوماً ما من أيّامه؟ أنا لا أدري.
هلمّ معي إلى صلاة ابن عمر :
وأمّا صلاته مع من غلب وتأمّر فمن شواهد جهله بشأن العبادات وتهاونه بالدين الحنيف ، ولعبه بشعائر الله شعائر الإسلام المقدّس ، قد استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله ، اعتذر الرجل بهذه الخزاية عن تركه الصلاة وراء خير البشر أحد الخيرتين. أحبّ الناس إلى الله ورسوله ، عليّ أمير المؤمنين المعصوم بلسان الله العزيز ، وعن إقامته إيّاها وراء الحجّاج الفاتك المستهتر ، وقد جاء من طريق سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل قال : اختلفت أنا وذر المرهبيّ (١) في الحجّاج ، فقال : مؤمن. وقلت : كافر. قال الحاكم : وبيان صحّته ما اطلق فيه مجاهد بن جبر رضى الله عنه فيما حدّثناه من طريق أبي سهل أحمد القطان ، عن الأعمش قال : والله لقد سمعت الحجّاج بن يوسف يقول : يا عجباً من عبد هذيل ـ يعني عبد الله بن مسعود ـ يزعم أنّه يقرأ قرآناً من عند الله ، والله ما هو إلاّ رجز من رجز الأعراب ، والله لو أدركت عبد هذيل
__________________
(١) كان من عبّاد أهل الكوفة ، أحد رجال الصحاح الستّة. (المؤلف)