الجامع الصغير (١)
فما قيمة صحابيّ لا ينتجع ممّا جاء عن النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكثير الصحيح في الناكثين والقاسطين والمارقين؟ ولم يرقطّ قيمة لتلكم النصوص ، ويضرب عنها صفحاً ولم يتبصّر بها في دينه ، ويتترّس تجاه ذلك الحكم البات النبويّ عن التقاعس عن تلك المشاهد بأنّها فتنة (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢).
لقد ذاق ابن عمر وبال أمره بتركه واجبه من البيعة لمولانا أمير المؤمنين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتبرّك بيده الكريمة التي هي يد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو خليفته بلا منازع ، وبتركه الائتمام به والدخول في حشده ، وهو نفس الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم والبقيّة منه ، بذلّ البيعة لمثل الحجّاج الفاجر ، فضرب الله عليه الذلّة والهوان هاهنا ، حتى إنّ ذلك المتجبّر الكذّاب المبير لم ير فيه جدارة بأن يناوله يده فمدّ إليه رجله فبايعها! وأخذه الله بصلاته خلفه وخلف نجدة المارق من الدين ، وحسبه بذينك هواناً في الدنيا ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى ، وكان من أخذه سبحانه إيّاه أن سلّط عليه الحجّاج فقتله وصلّى عليه (٣) ويا لها من صلاة مقبولة ودعاء مستجاب من ظالم غاشم.
معذرة أخرى لابن عمر :
ولابن عمر معذرة أخرى ، أخرج أبو نعيم في الحلية (١ / ٢٩٢) من طريق نافع عن ابن عمر أنّه أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن أنت ابن عمر وصاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال : يمنعني أنّ الله تعالى حرّم عليّ دم المسلم
__________________
(١) الجامع الصغير : ١ / ٦٣٨ ح ٤١٤٨.
(٢) العنكبوت : ٢.
(٣) الاستيعاب : ١ / ٣٦٩ [القسم الثالث / ٩٥٣ رقم ١٦١٢] ، أُسد الغابة : ٣ / ٢٣٠ [٣ / ٣٤٤ رقم ٣٠٨٠]. (المؤلف)