بكلّ مرصاد ، قلوبهم دويّة (١) وصفاحهم نقيّة. يمشون الخفاء (٢) ، ويدبّون الضراء وصفهم دواء ، وقولهم شفاء ، وفعلهم الدّاء العياء (٣) ، حسدة الرّخاء (٤) ، ومؤكّدو البلاء ، ومقنطو الرّجاء ، لهم بكلّ طريق صريع (٥) وإلى كلّ قلب شفيع ، وإلى كلّ شجو دموع (٦) يتقارضون الثّناء (٧) ويتراقبون الجزاء : إن سألوا الحفوا (٨) ، وإن عذلوا كشفوا ...».
٤ ـ مؤامرة المنافقين :
المنافقون يشكّلون أخطر تجمع معارض ، لا على الإسلام فحسب ، بل على كلّ رسالة ثورية تقدمية ، حيث ينفذون بين صفوف المسلمين ، ويستغلّون كل فرصة للتآمر.
يتحدّث القرآن عن تآمر هؤلاء في صدر الإسلام ويذكر نماذج من أعمالهم.
__________________
والعماد : ما يقام عليه البناء. أي إذا ملتم عن أهوائهم أقاموكم عليها بأعمدة من الخديعة حتى توافقوهم.
والمرصاد محل الارتقاب. ويرصدونكم : يقعدون لكم بكل طريق ليحوّلوكم عن الاستقامة.
(١) دويّة أي مريضة من الدّوى بالقصر وهو المرض. والصفاح ـ جمع صفحة : والمراد منها صفاح وجوههم ، ونقاوتها : صفاؤها من علامات العداوة وقلوبهم ملتهبة بنارها.
(٢) يمشون مشي التستّر. ويدبون : أي يمشون على هيئة دبيب الضراء ، أي يسرون سريان المرض في الجسم أو سريان النقص في الأموال والأنفس والثمرات.
(٣) الداء العياء ـ بالفتح : الّذي أعيى الأطباء ولا يمكن منه الشفاء.
(٤) حسدة : جمع حاسد ، أي يحسدون على السعة ، وإذا نزل بلاء بأحد أكدوه وزادوه. وإذا رجى أحد شيئا أوقعوه في القنوط واليأس.
(٥) الصريع : المطروح على الأرض ، أي إنّهم كثيرا ما خدعوا أشخاصا حتى أوقعوهم في الهلكة.
(٦) الشجو : الحزن ، أي يبكون تصنّعا متى أرادوا.
(٧) يتقارضون : كل واحد منهم يثني على الآخر ليثني الآخر عليه ، كأنّ كلا منهم يسلف الآخر دينا ليؤديه إليه ، وكل يعمل للآخر عملا يرتقب جزاءه عليه.
(٨) ألحفوا : بالغوا في السؤال وألحوا. وإن عذلوا أي لاموا ، كشفوا أي فضحوا من يلومونه.