يذكر مثلا استهانة هؤلاء بشخصية المؤمنين ، وبما يقدمه المؤمنون على قدر طاقتهم من صدقات فيقول : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١).
ويتخذون أحيانا في اجتماعاتهم السريّة قرارات بشأن قطع مساعدتهم المالية لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كي يتفرقوا عن الرسالة والرّسول : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ، وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ)(٢).
كما يتخذون القرارات بإخراج المؤمنين من المدينة بعد انتهاء الحرب والعودة إلى المدينة: (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) (٣).
وكانوا يتخلفون عن الجهاد بمبررات مختلفة من قبيل الانشغال بالحصاد مثلا ، ويتركون الرّسول في ساعات الشدّة. وهم مع ذلك خائفين من انفضاح أمرهم وانكشاف سرّهم.
بسبب هذه المواقف العدائية التآمرية ركز القرآن على التنديد بالمنافقين في مواضع عديدة ، واحتوت سورة المنافقين عرضا مفصّلا لوضعهم. كما تضمنت سورة التوبة والحشر وسور اخرى حملات شديدة على المنافقين ، وتحدثت ثلاث عشرة آية من سورة البقرة عن صفاتهم وعواقب مكرهم.
٥ ـ خداع الضمير :
المنافقون يشكلون مشكلة كبرى للمسلمين ، ذلك لأن المسلمين مكلفون ـ
__________________
(١) التوبة ، ٧٩.
(٢) المنافقون ، ٧.
(٣) المنافقون ، ٨.