أعمالهم (شبيه ذلك ما ورد في آيات اخرى من كتاب الله العزيز).
على أيّ حال ، الآية المذكورة تشير بوضوح إلى حقيقة خداع الضمير والوجدان ، وأن الإنسان النمحرف الملوث كثيرا ما يعمد إلى خداع نفسه ووجدانه للتخلص من تأنيب الضمير ، ويصبح بالتدريج مقتنعا بأن قبائحه ليست عملا انحرافيا ، بل هي أعمال إصلاحية (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ، وبذلك يخدعون أنفسهم ، ويستمرون في غيّهم.
ذكر أنّ أحد القادة الأمريكيين وجّه إليه سؤال حول سبب إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي (هيروشيما وناكازاكي) اليابانيتين ممّا أدّى إلى مقتل مائتي ألف إنسان بريء أو أصابتهم بالعاهات ، فقال : نحن فعلنا ذلك من أجل السلام! ولو لم نفعل ذلك لطالت الحرب أكثر ، ولذهب ضحيتها عدد أكبر من القتلى!!
المنافقون في كل عصر وفي عصرنا هذا يتشبثون بمثل هذه الأقاويل لخداع النّاس وخداع أنفسهم ، فهذا الزعيم الأمريكي يضع أمامه طريقين فقط هما : استمرار الحرب أو القصف الذري للمدن الآمنة ، متناسيا طريقا ثالثا واضحا وهو الكف عن الاعتداء على الشعوب وترك النّاس أحرارا مع ثرواتهم! وممّا تقدم يتضح أن النفاق وسيلة لخداع الضمير وشلّ مفعوله ، وما أخطر عملية شلّ الضمير الإنساني ، الذي يعتبر الواعظ الداخلي والرقيب اليقظ الأمين والمندوب الإلهي في نفس الإنسان!!.
* * *
٦ ـ التجارة الخاسرة :
شبّه القرآن الكريم في مواضع عديدة عمل الإنسان في الحياة الدنيا بالتجارة. ونحن في الحياة الدنيا تجار نأتي إلى هذا المتجر الكبير برأس مال وهبه لنا الله سبحانه ، وعناصره العقل والفطرة والعواطف والطاقات الجسميّة المختلفة