خاصة ، بل يوجّه دعوته إلى البشرية عامة لعبادة الله ، وللثورة على كل ألوان الشرك والانحراف عن طريق التوحيد.
٢ ـ يركّز القرآن ، في دعوته إلى عبادة الله وإلى شكر الله ، على نعمة خلق البشر. وهي نعمة تتجلى فيها قدرة الله كما يتجلى فيها علم الله وحكمته وكذلك رحمته العامة والخاصّة. لأن الموجود البشري سيّد الموجودات ، ومظهر علم الله وقدرته اللامتناهية ونعمه الكثيرة الواسعة.
أولئك الذين يستنكفون عن عبادة الله والخضوع له ، غافلون غالبا عن العظمة المنطوية في خلقهم وخلق الذين من قبلهم ، وعن اليد المدبّرة المقدّرة التي أو جدت هذا الخلق، وأودعت فيه النعم الدقيقة المدروسة المتجلية في جسم الإنسان وروحه.
فالتذكير بهذه النعم دليل لمعرفة الله ، ومحرك للشكر على هذه النعم.
٣ ـ نتيجة هذه العبادة هي التقوى : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فعباداتنا لا تزيد الله عظمة وجلالا ، كما أن إعراضنا عن العبادة لا ينقص من عظمة الله شيئا. هذه العبادات مدرسة لتعليم التقوى ، والتقوى هي الإحساس بالمسؤولية والمحرّك الذاتي للفرد ، وهي معيار قيمة الإنسان وميزان تقييم شخصيته.
٤ ـ عبارة : (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) لعلها ردّ على استدلال المشركين الذين برروا عبادتهم للأصنام بتمسكهم بسنة آبائهم. والآية الكريمة تشير بهذه العبارة إلى أن الله الواحد الأحد ، خالق البشر وخالق آبائهم ، وكل شرك يعتري المسيرة البشرية في حاضرها وسالفها هو انحراف عن الخط الصحيح.
* * *
نعم الأرض والسماء :
الآية التالية استعرضت قسما آخر من النعم الإلهية التي تستحق الشكر ،