جميعا ، لو قبلوها جملة لتحولت ساحة الأديان إلى فوضى وهرج ومرج. ولو رفضوها جملة لكان عاقبة ذلك الضلال والضياع.
فالدليل على مبدأ البعثة ذاته يفرض إذن أن يكون الأنبياء الصادقين مجهزين بالدليل على نبوتهم كي يتميز الصادقون من الكاذبين. أي أن يكونوا مجهزين بالمعجزة الدالة على صدق ادعائهم.
و «المعجزة» ـ كما هو واضح من لفظها ـ عمل خارق يأتي به النّبي ويعجز عن الإتيان به الآخرون.
على النّبي صاحب المعجزة أن يتحدى النّاس بمعجزته ، وأن يعلن لهم أن معجزته دليل على صدق دعواه.
* * *
٢ ـ القرآن معجزة نبي الإسلام الخالدة :
القرآن كتاب يسمو على أفكار البشر ، ولم يستطع أحد حتى اليوم أن يأتي بمثله ، وهو معجزة سماوية كبرى.
هذا الكتاب الكريم يعتبر ـ بين معاجز النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أقوى سند حيّ على نبوة الرّسول الخاتم ، لأنه معجزة «ناطقة» و «خالدة» و «عالمية» و «معنوية».
أمّا أنّه معجزة «ناطقة» فإنّ معاجز الأنبياء السابقين لم تكن كذلك ، أي أنها كانت بحاجة إلى وجود النّبي لكي يتحدث للناس عن معجزته ويتحداهم بها ، ومعاجز النّبي الخاتم ـ عدا القرآن ـ هي من هذا اللون. أما القرآن فمعجزة ناطقة.
لا يحتاج إلى تعريف ، يدعو لنفسه بنفسه ، يتحدى بنفسه المعارضين ويدينهم ويخرج منتصرا من ساحة التحدي. وهو يتحدى اليوم جميع البشر كما كان يتحداهم في عصر الرسالة. إنه دين ومعجزة ، إنه قانون ، ووثيقة تثبت الهية القانون.
أما الخلود والعالمية : فإنّ القرآن حطم سدود «الزمان والمكان» وتعالى عليهما ، لأن معاجز الأنبياء السابقين ـ وحتى معاجز النّبي الخاتم غير القرآن ـ