يظهروه في أقوالهم. قال بعض المفسرين : إنها إشارة إلى حالة استكبار إبليس الذي كان يومئذ بين الملائكة. وكان يكتم إصراره على عدم الخضوع لآدم.
ومن المحتمل أيضا أن تكون العبارة إشارة إلى ما كان يبطنه الملائكة من اعتقاد بأنهم أليق من غيرهم للخلافة الإلهية على الأرض. فهم أشاروا إلى مثل هذا الاعتقاد ولم يصرّحوابه.
جواب على سؤالين
ويبقى سؤالان في هذا المجال ، الأوّل يدور حول تعليم الله لآدم ، كيف تمّ ذلك؟ ولو قدّر أن يكون هذا التعليم من نصيب الملائكة لنالوا نفس فضيلة آدم ، فهل هناك مفخرة يمتلكها آدم ولا تمتلكها الملائكة؟
أما بشأن كيفية التعليم فالجواب هو أن هذا التعليم تكويني ، أي إن الله أودع هذا العلم في وجود آدم بالقوة ، ودفعه خلال مدّة قصيرة إلى المرحلة الفعلية.
إطلاق كلمة «تعليم» في القرآن على «التعليم التكويني» ورد في موضع آخر من القرآن ، كقوله تعالى : (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (١) وواضح أن الله سبحانه علّم الإنسان البيان في مدرسة الخلقة ، أي منحه الكفاءة والخصائص الفطرية اللازمة للبيان والكلام.
أما الشطر الآخر من هذا السؤال فيتبين جوابه لو علمنا أن الملائكة كانت لهم خلقة خاصة ، ما كانت تؤهلهم لتلقي كل هذه العلوم. إنهم مخلوقون لهدف آخر ، لا لهذا الهدف، وهذه الحقيقة فهمها الملائكة وتقبلوها بعد أن مرّوا بتلك التجربة المذكورة في الآية. ولعلهم اعتقدوا في البداية أنهم يحملون الكفاءة اللازمة لهذا الهدف ، لكن الله بيّن لهم الفرق بين كفاءتهم وكفاءة آدم بتجربة تعليم الأسماء.
__________________
(١) الرحمن ، ٤.