الشيء من جنسه ، أما في الآخرة ف (لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ).
وإذا لم تنفع الوسائل المذكورة كلها ، يستصرخ أصحابه لينصروه ويخلصوه من الجزاء ، وفي الآخرة لا يقوم بنجاتهم أحد (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
القرآن الكريم يؤكد أن الأصول الحاكمة على قوانين الجزاء يوم القيامة تختلف كليّا عمّا هو السائد في هذه الحياة ، فالسبيل الوحيد للنجاة يوم القيامة ، هو الإيمان والتقوى والاستعانة بلطف البارئ تعالى.
تاريخ الشرك وتاريخ المنحرفين من أهل الكتاب ، مليء بأفكار خرافية تدور حول محور التوسل وبمثل الأمور التي ذكرتها الآية الكريمة للفرار من العقاب الاخروي. صاحب المنار يذكر مثلا ، أن النّاس في بعض مناطق مصر ـ كانوا يدفعون مبلغا من المال إلى الذي يتعهد غسل الميت ، ويسمون هذا المبلغ أجرة الانتقال إلى الجنّة (١).
وفي تاريخ اليهود نقرأ أنهم كانوا يقدمون القرابين للتكفير عن ذنوبهم ، وإن لم يجدوا قربانا كبيرا يكتفون بتقديم زوج من الحمام. (٢)
وفي التاريخ القديم كانت بعض الأقوام تدفن مع الميت حليّة وأسلحته ، ليستفيد منها في الحياة الاخرى (٣).
القرآن ومسألة الشّفاعة
العقاب الإلهي في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لا ينزل بساحة الإنسان دون شك من أجل الانتقام. بل إن العقوبات الإلهية تشكل عنصر الضمان في تنفيذ القوانين ، وتؤدي في النتيجة إلى تقدم الإنسان وتكامله. من هنا يجب الاحتراز عن أي شيء يضعف من قوّة عنصر الضمان هذا ، كي لا تنتشر بين النّاس الجرأة
__________________
(١) المنار ، ج ١ ، ص ٣٠٦.
(٢) المنار ، ج ١ ، ص ٣٠٦.
(٣) الميزان ، ج ١ ، ص ١٥٦.