٥ ـ الشّفاعة في الحديث :
في الروايات الإسلامية تعابير كثيرة تكمل محتوى الآيات المذكورة وتوضّح ما خفي منها ، من ذلك :
١ ـ في تفسير «البرهان» عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام عن على بن أبي طالب عليهالسلام قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي...»راوي الحديث ابن أبي عمير يقول : فقلت له : يا بن رسول الله كيف تكون الشّفاعة لأهل الكبائر والله يقول (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى به؟ فقال : يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك وندم عليه وقد قال النّبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم كفى بالندم توبة ... ومن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشّفاعة وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(١)
صدر الحديث يتضمن أن الشفاعة تشمل مرتكبي الكبائر. لكن ذيل الحديث يوضح أن الشرط الأساسي في قبول الشفاعة هو الإيمان الذي يدفع المجرم إلى مرحلة الندم وجبران ما فات ، ويبعده عن الظلم والطغيان والعصيان. (تأمل بدقة).
٢ ـ في كتاب «الكافي» عن الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليهالسلام في رسالة كتبها إلى أصحابه قال : «من سرّه أن ينفعه شفاعة الشّافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه»(٢)
يتبين من سياق الرواية ، أن كلام الإمام يستهدف إصلاح الخطأ الذي وقع فيه بعض أصحاب الإمام في فهم مسألة الشفاعة : ويرفض بصراحة مفهوم الشفاعة الخاطئ المشجع على ارتكاب الذنوب.
٣ ـ وعن الصادق عليهالسلام أيضا : «إذا كان يوم القيامة بعث الله العالم والعابد ، فإذا وقفا بين يدي الله عزوجل قيل للعابد : انطلق إلى الجنّة ، وقيل للعالم : قف تشفع للنّاس بحسن
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ٥٧.
(٢) عن بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٣٠٤ الطبعة القديمة.