لاقاه من تعب وعناء في الطريق ، فيطير على ارتفاع منخفض ولذلك يمكن اصطياده بسهولة... وورد ذكر ذلك في سفر الخروج وسفر الأعداء من التوراة» (١).
يستفاد من هذا النص أن المقصود بالسلوى طير خاص سمين يشبه الحمام معروف في تلك الأرض.
شاء الله بفضله ومنّه أن يكثر هذا الطير في صحراء سيناء آنئذ لسدّ حاجة بني إسرائيل من اللحوم ، ولم تكن هذه الكثرة من الطير طبيعية في تلك المنطقة.
* * *
٣ ـ لماذا قالت الآية «أنزلنا»؟
عبرت الآية الكريمة عن نعمة تقديم المن والسلوى بالإنزال ، وليس الإنزال دائما إرسال الشيء من مكان عال ، كقوله تعالى : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) (٢).
واضح أن الأنعام لم تهبط من السماء ، من هنا فالإنزال في مثل هذه المواضع :إمّا أن يكون «نزولا مقاميا» أي نزولا من مقام أسمى إلى مقام أدنى.
أو أن يكون من «الإنزال» بمعنى الضيافة ، يقال أنزلت فلانا : أي أضفته ، والنزل (على وزن رسل) ما يعدّ للنازل من الزاد ، ومنه قوله تعالى : (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) (٣) وقوله سبحانه : (خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٤).
وتعبير «الإنزال» للمنّ والسلوى ، قد يشير إلى أن بني إسرائيل كانوا ضيوف الله في الأرض ، فاستضافهم بالمن والسلوى.
ويحتمل أن يكون الإنزال بمعنى الهبوط من الأعلى لأن النعم المذكورة وخاصة (السلوى) تهبط إلى الأرض من الأعلى.
* * *
__________________
(١) قاموس الكتاب المقدس ، ص ٤٨٣.
(٢) الزمر ، ٦.
(٣) الواقعة ، ٩٣.
(٤) آل عمران ، ١٩٨.