فيها بين المعلف والمضجع ، ناسين شخصيتهم الإنسانية ، وغافلين عن النير الذي يطوق أعناقهم.
* * *
٣ ـ هل «المنّ» و «السلوى» خير الأطعمة؟
حين طلب بنو إسرائيل أطعمة متنوعة جاءهم التقريع بالقول : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)؟! أي أتختارون الأدنى وتتركون الأفضل؟! ويبدو أن المقصود بالأفضل هنا هو ما لديهم من طعام متمثل بالمن والسلوى. غير أن التفضيل الذي يطرحه القرآن هنا يعود إلى الحياة بكل أبعادها ، والتقريع يتجه إلى بني إسرائيل لرغبتهم في التنويع مع ما قد يكشف هذا التنويع من ذلّ وهوان.
وعلى صعيد القيمة الغذائية ، فإن الأطعمة النباتية التي طلبها بنو إسرائيل لها قيمتها الغذائية طبعا ، غير أن مقدار الموارد الغذائية النافعة الموجودة في «المن» ـ وهو العسل أو مادة سكرية مقوّية ـ وكذلك في لحوم السلوى يفوق ما في الأطعمة النباتية المذكورة ، كما أن المن والسلوى أسهل هضما من الحبوب المذكورة (١).
ولا بأس من الإشارة إلى أن «الفوم» الذي طلبه بنو إسرائيل فسّر بالحنطة مرة وبالثوم مرة اخرى ، ولكلّ من المادتين قيمتها الغذائية ، ويرى بعض أن تفسير الفوم بالقمح أصحّ لاستبعاد أن يطلب القوم طعاما خاليا من القمح (٢).
* * *
__________________
(١) راجع : «قرآن بر فراز قرون واعصار» ، (فارسي) ، ص ١١٢.
(٢) تفسير القرطبي.