المدينة ، فنظر إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودار حوله ، فلما رآه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلمعرف ما يريد.فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه. فلما رآه أتاه وكلمه. ثم انطلق فاشترى طعاما وجاء به ، فقال له النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا؟ قال سلمان : هذه صدقة. قال : لا حاجة لي بها فأخرجها فليأكل المسلمون. ثمّ انطلق فاشترى طعاما ، فأتى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ما هذا؟ قال : هدية. قال : فاقعد ، فقعد فأكلا جميعا منها. فبينا هو يحدثه ، إذ ذكر أصحابه ، فأخبره خبرهم ، فقال : كانوا يصومون ويصلون ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك ستبعث نبيّا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم ، قال له النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا سلمان هم من أهل النار. فاشتدّ ذلك على سلمان ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
* * *
٢ ـ من هم الصّابئون؟
يقول الرّاغب الأصفهاني : الصّابئون قوم كانوا على دين نوح (١) وذكرهم إلى جانب المؤمنين واليهود والنصارى يدل على أنهم كانوا يدينون بدين سماوي ويؤمنون بالله واليوم الآخر.
واعتبر البعض أنهم مشركون ، وقيل عنهم أنهم مجوس ، وليسوا كذلك ، لأن القرآن ذكرهم إلى جانب المشركين والمجوس إذا قال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) ... (٢).
واختلف المفسّرون وأصحاب الملل والنحل في تشخيص هوية الصابئين ، ووجه تسميتهم.
«الشّهرستاني» في «الملل والنحل» يقول : الصابئة من صبأ أي انحرف عن طريق الأنبياء ، وهؤلاء قوم انحرفوا عن طريق الحق ودين الأنبياء فهم «صابئة».
ويقول «الفيومي» في «المصباح المنير» إن «صبأ» تعني الخروج من الدين
__________________
(١) المفردات ، مادة صبا.
(٢) الحج ، ١٧.