التّفسير
قصّة بقرة بني إسرائيل
هذه الآيات تتحدث بالتفصيل عن حادثة اخرى من حوادث تاريخ بني إسرائيل ، هذا التفصيل لم نألفه في الآيات السابقة ، ولعله يعود إلى أن هذه الحادثة ذكرت في هذا الموضع ـ لا غير ـ من القرآن الكريم ، وإلى أنها تتضمن عبرا كثيرة تستوجب هذا التفصيل. من هذه الدروس : لجاج بني إسرائيل وعنادهم ، ومستوى إيمانهم بكلام موسى عليهالسلام ، وأهمّ من كل هذا البرهنة على إمكان المعاد.
الحادثة (كما يبينها القرآن وكتب التّفسير) على النحو التالي : قتل شخص من بني إسرائيل بشكل غامض ، ولم يعرف القاتل.
حدث بين قبائل بني إسرائيل نزاع بشأن هذه الحادثة ، كل قبيلة تتهم الاخرى بالقتل. توجّهوا إلى موسى ليقضي بينهم. فما كانت الأساليب الاعتيادية ممكنة في هذا القضاء. وما كان بالإمكان إهمال هذه المسألة لما سيترتب عليها من فتنة بين بني إسرائيل. لجأ موسى ـ بإذن الله ـ إلى طريقة إعجازية لحل هذه المسألة كما ستوضحها الآيات الكريمة (١).
__________________
(١) في الفصل الحادي والعشرين من سفر التثنية في العهد القديم وردت إشارة عابرة لهذه القصة. وما ورد في التوراة الحالية ليس بسرد للحادثة وإنما إعطاء حكم من الأحكام ، وهذا نص السفر المذكور من الجملة ١ إلى ٩ :
«إذا وجد قتيل في الأرض التي يعطيك الرب إلهك لتمتلكها واقعا في الحقل لا يعلم من قتله ـ يخرج شيوخك وقضاتك ويقيسون إلى المدن التي حول القتيل ـ فالمدينة القربى من القتيل يأخذ شيوخ تلك المدينة عجلة من البقر لم يحرث عليها لم تجر بالنير ـ وينحدر شيوخ تلك المدينة بالعجلة إلى واد دائم السيلان لم يحرث فيه ولم يزرع ، ويكسرون عنق العجلة في الوادي ـ ثم يتقدم الكهنة بنو لاوى لأنه إياهم اختار الرب إلهك ليخدموه ويباركوا باسم الرب وحسب قولهم تكون كل خصومة وكل ضربة ـ ويغسل جميع شيوخ تلك المدينة القريبين من القتيل أيديهم على العجلة المكسورة العنق في الوادي ـ ويصرحون ويقولون أيدينا لم تسفك هذا الدّم وأعيننا لم تبصر ـ اغفر لشعبك إسرائيل الذي فديت يا رب ولا تجعل دم بريء في وسط شعبك إسرائيل فيغفر لهم الدم ـ فتنزع الدم البريء من وسطك إذا عملت الصالح في عيني الرب».