٢ ـ مدلول هذه الأوصاف :
كان تكليف بني إسرائيل ـ كما ذكرنا ـ مطلقا غير مقيّد بمواصفات معيّنة. لكن لجاج هؤلاء ضيّق عليهم الدائرة وغيّر عليهم حكم التكليف (١).
إلى جانب هذه الحقيقة ، ثمة حقيقة اجتماعية قد يمكن استنتاجها من الأوصاف التي ذكرت للبقرة.
يبدو أن القرآن يريد أن يبين أنّ البقرة التي كتب لها أن تحيى فردا ميّتا ينبغي أن لا تكون «ذلولا» أي تأبى التسليم والخضوع الأعمى. كما أنها ذات لون واحد خالص لا تشوبه ألوان اخرى.
وهذا يعني أن القائد الذي يستهدف إحياء المجتمع ينبغي أوّلا أن يكون متحررا من تأثيرات الضغوط الاجتماعية التي يمارسها أصحاب الثروة والجاه والقوّة ، وأن يستسلم لله وحده دون أن تأخذه في ذلك لومة لائم ، كما أن القائد يجب أن يكون مبرّءا من أي لون غير اللون التوحيدي ، ومثل هؤلاء الأفراد فقط يستطيعون أن يعالجوا أمور النّاس باتزان واعتدال ويبعثوا في قلوب وأفكار أمّتهم الخصب والحياة.
أما المنشدّ بنير الدنيا والخاضع لها والمشوب بالألوان والأهواء فلا يستطيع أن يحيي القلوب الميتة ، ولا يقدر أن ينهض بدور الإحياء.
* * *
٣ ـ ما هو دافع القتل؟
تذكر كتب التأريخ والتّفسير أن دافع القتل في هذه الحادثة إمّا المال ، أو الزّواج.
__________________
(١) هذه القصة تشير إلى جواز نسخ الحكم قبل العمل وفق ما تقتضيه المصلحة ، وتشير أيضا إلى وجود النسخ في دين موسى ، كما تدل على أن التكليف قد يكون له طابع العقاب. وهذه مباحث سنطرحها في محلها.