وَاسْمَعُوا ، قالُوا : سَمِعْنا وَعَصَيْنا).
وما كان عصيانهم إلّا عن انغماس في حبّ الدنيا الذي تمثّل في حبّ عجل السّامري الذّهبي : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) ولذا نسوا الله عزوجل؟! كيف يجتمع الايمان بالله مع قتل أنبيائه وعبادة العجل ونقض العهود والمواثيق الالهية المؤكدة؟! أجل (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
* * *
بحثان
١ ـ عبارة (قالُوا : سَمِعْنا وَعَصَيْنا) ليست حكاية عمّا قالوه بألسنتهم ، بل حسب الظاهر هي تعبير عن واقع عملي لهؤلاء القوم ، وكناية رائعة عن انحرافهم.
٢ ـ عبارة (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) هي أيضا كناية رائعة تعبّر عن وضع هذه الجماعة.
والاشراب له معنيان كما ورد في المفردات : الإحكام كقولك «أشربت البعير» إذا شددت رقبته بالحبل. وكذلك الإرواء ، ويكون المعنى على الوجهين أن حبّ العجل قد غمر قلوب بني إسرائيل واستحكم في أنفسهم.
والعبارة توحي أيضا ما يصدر عن هؤلاء القوم من انحراف ، إنما هو ظاهرة طبيعية ناتجة عن تغلغل روح الشرك في قلوبهم. والقلوب التي أشربت الشرك لا يصدر عنها إلا القتل والإنكار والخيانة.
وتتبين أهمية الموضوع أكثر لو طالعنا مقدار ما أكدت عليه الديانة اليهودية
__________________
(١) مرّ بنا في الآيتين (٥١ و ٦٣) من هذه السّورة المباركة موضوع ميثاق بني إسرائيل وخصائصه.