المشركون ينبغي أن يكونوا أحرص من غيرهم على جمع المال والمتاع ، لكن هؤلاء من أصحاب الادعاءات الفارغة ، بلغوا من الحرص ما لم يبلغه المشركون.
وبلغ شغفهم بالدنيا أنّه (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) لجمع مزيد من متاع الدنيا، أو خوفا من عقاب الآخرة! لكن هذا العمر الذي يتمناه كل واحد منهم لا يبعده عن العذاب ، ولا يغيّر من مصيره شيئا (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) إذ كل شيء محصى لدى الله ، ولا يعزب عن عمله شيء (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ).
* * *
بحوث
١ ـ المقصود من الأعوام الألف في قوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) ليس هذا العدد المعروف ، بل يعني العمر الطويل المديد ، فهو ليس للتعدد ، بل للتكثير.
وذهب بعض المفسرين إلى أن العرب لم تكن تعرف آنذاك عددا أكبر من الألف ، ولم يكن لما يزيد على الألف اسم عند العرب ، ولذلك كان أبلغ تعبير عن الكثرة! (١).
٢ ـ تنكير الحياة في تعبير الآية (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) تفيد ـ كما ذهب إلى ذلك جمع من المفسرين ـ الاستهانة والتحقير ، أي إن هؤلاء حريصون حتى على أتفه حياة وأرخصها وأشقاها ، ويفضلونها على الآخرة (٢).
__________________
(١) المنار ، ج ١ ، ص ٣٣١.
(٢) الميزان ، ج ١ ، ص ٢٣٠ ـ المنار ، ج ١ ، ص ٣٩٠.