ويذكرون لهم علاماته وصفاته ، فلمّا بعث نبي الإسلام ، أعرضوا عمّا جاء في كتابهم ، وكأنهم لم يروا ولم يقرءوا ما ذكرته التوراة في هذا المجال.
هذه هي النتيجة الطبيعية للأفراد الغارقين في ذاتياتهم ، هؤلاء ـ حتى في دعوتهم إلى حقيقة من الحقائق ـ لا يتجردون عن ذاتياتهم ، فإن وصلوا إلى تلك الحقيقة ووجدوها تنسجم مع أهوائهم ، أعرضوا عنها ونبذوها وراء ظهروهم.
* * *
بحوث
١ ـ واضح أن تعبير «النّزول» أو «الإنزال» بشأن القرآن الكريم لا يعني الانتقال المكاني من الأعلى إلى الأسفل وأن الله مثلا في السماء وأنزل القرآن إلى الأرض ، بل التعبير يشير إلى علو مكانة ربّ العالمين.
٢ ـ كلمة «فاسق» من مادة «فسق» وتعني خروج النّواة من الرطب ، فقد تسقط الرطبة من النخلة ، وتنفصل عنها النّواة. ويقال عن هذا الانفصال في العربية «فسقت النواة»، ثم أطلقت الكلمة على كل انفصال عن خط طاعة الله ، وعن طريق العبودية.
فكما أن النّواة تفسق إذا نزعت لباسها الحلو المفيد المغذي ، كذلك الفاسق ينزع عنه بفسقه كل قيمه وشخصيّته الإنسانية.
٣ ـ القرآن في حديثه عن اليهود لا يوبّخ الجميع بسبب ذنوب الأكثرية ، بل يستعمل كلمات مثل «فريق» «أكثر» ليصون حق الأقلية المؤمنة المتقية ، وطريقة القرآن هذه في حديثه عن الأمم درس لنا كي لا نحيد في أحاديثنا ومواقفنا عن الحقّ والحقيقة.
* * *