٤ ـ لا قدرة لأحد على عمل دون إذن الله
نفهم من قول الله في هذه الآيات أن السحرة ما كانوا قادرين على إنزال الضّر بأحد دون إذن الله سبحانه ، وليس في الأمر «جبر» ولا إرغام ، بل إن هذا المعنى يشير إلى مبدأ أساس في التوحيد ، وهو إن كلّ القوى في هذا الكون تنطلق من قدرة الله تعالى ، النار إذ تحرق إنما تحرق بإذن الله ، والسكين إذ تقطع إنما تقطع بأمر الله. لا يمكن للساحر أن يتدخل في عالم الخليفة خلافا لإرادة الله.
كلّ ما نراه من آثار وخواص إنما هي آثار وخواص جعلها الله سبحانه للموجودات المختلفة ، ومن هذه الموجودات من يحسن الاستفادة من هذه الهبة الإلهية ومنهم من يسيء الاستفادة منها. و «الإختيار» الذي منحه الله للإنسان إنما هو وسيلة لاختباره وتكامله.
٥ ـ السحر وتأريخه :
الحديث عن السحر وتاريخه طويل ، ونكتفي هنا بالقول إن جذوره ضاربة في أعماق التاريخ ، ولكن بداياته وتطوراته التاريخية يلفّها الغموض ولا يمكن تشخيص أول من استعمل السحر.
وبشأن معناه يمكن القول : إنه نوع من الأعمال الخارقة للعادة ، تؤثر في وجود الإنسان ، وهو أحيانا نوع من المهارة والخفة في الحركة وإيهام للأنظار ، كما إنه أحيانا ذو طابع نفسي خيالي.
والسحر في اللغة له معنيان :
١ ـ الخداع والشّعوذة والحركة الماهرة.
٢ ـ كل ما لطف ودقّ.
والراغب ذكر للفظ السحر ثلاثة معان قرآنية :
الأوّل : الخداع وتخييلات لا حقيقة لها ، نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الأبصار