ويخاطبون بذلك النّبي ساخرين (١). وليس بين هذه العلل المذكورة لنزول الآية الكريمة تناقض، فقد تكون بأجمعها صحيحة.
التّفسير
لا توفّروا للأعداء فرصة الطعن :
الآية الكريمة تخاطب المسلمين قائلة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ).
ممّا سبق من سبب نزول هذه الآية الكريمة نستنتج أنّ على المسلمين أن لا يوفروا للأعداء فرصة الطعن بهم ، وأن لا يتيحوا لهم بفعل أو قول ذريعة يسيئون بها إلى الجماعة المسلمة. عليهم أن يتجنبوا حتى ترديد عبارة يستغلها العدوّ لصالحه.الآية تصرّح بالنهي عن قول عبارة تمكن الأعداء أن يستثمروا أحد معانيها لتضعيف معنويات المسلمين ، وتأمرهم باستعمال كلمة اخرى غير تلك الكلمة القابلة للتحريف ولطعن الأعداء.
حين يشدّد الإسلام إلى هذا الحد في هذه المسألة البسيطة ، فإن تكليف المسلمين في المسائل الكبرى واضح ، عليهم في مواقفهم من المسائل العالمية أن يسدوا الطريق أمام طعن الأعداء ، وأن لا يفتحوا ثغرة ينفذ منها المفسدون الداخليون والأجانب للإساءة إلى سمعة الإسلام والمسلمين.
جدير بالذكر أن عبارة راعنا ـ إضافة إلى ما فيها من معنى آخر استغله اليهود ـ فيها نوع من سوء الأدب ، لأنّها من باب المفاعلة ، وباب المفاعلة يفيد المبادلة والاشتراك ، وهي لذلك تعني : راعنا لنراعيك ، وقد نهى القرآن عن ترديدها (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي ، وتفسير المنار وتفسير الفخر الرازي ، ذيل الآية المذكورة.
(٢) تفسير الفخر الرازي ، والمنار ، ذيل الآية المذكورة.