القرآن الكريم في هذه الآية يردّ على هذه المزاعم وينير قلوب المؤمنين (١).
ويقول : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ... وليس مثل هذا التغيير على الله بعسير (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؟! الآية التالية تؤكد مفهوم قدرة الله سبحانه وتعالى وحاكميته في السماوات والأرض وفي الأحكام ، فهو البصير بمصالح عباده : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، وفي هذه العبارة من الآية أيضا تثبيت لقلوب المؤمنين ، كي لا تتزلزل أمام حملات التشكيك هذه ، وتستمر الآية في تعميق هذا التثبيت ، مؤكدة أن المجموعة المؤمنة ينبغي أن تعتمد على الله وحده ، وتستند إلى قوته وقدرته دون سواه ، فليس في هذا الكون سند حقيقي سوى الله سبحانه : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ).
* * *
بحوث
١ ـ هل يجوز النّسخ في الأحكام؟
النسخ في اللغة الإزالة ، وفي الاصطلاح تغيير حكم شرعي وإحلال حكم آخر محله ، من ذلك :
١ ـ المسلمون كانوا يصلون بعد الهجرة تجاه بيت المقدس ، واستمروا على ذلك ستة عشر شهرا ، ثم نزل الأمر بتغيير القبلة ، فوجب على المسلمين أن يصلوا تجاه الكعبة.
٢ ـ الآية ١٥ من سورة النساء قررت معاقبة الزانية بعد شهادة أربعة شهود بإمساكها في البيت حتى الوفاة ، أو يجعل الله لها سبيلا ، والآية الثانية من سورة
__________________
(١) يحتمل أيضا أن تشير الآية إلى نسخ أحكام إسلامية اخرى ، كما ذكر الفخر الرازي في تفسيره ، وسيد قطب في ظلاله.