أذهانهم ، يطرح القرآن المعيار الأساس لدخول الجنّة على شكل قانون عام (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ). ومن هنا فالمشمولون بهذا القانون هم في ظلال رحمة الله (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
بعبارة موجزة : الجنّة ومرضاة الله والسعادة الخالدة ليست حكرا على طائفة معينة ، بل هي نصيب كل من يتوفر فيه شرطان :
الأوّل : التسليم التام لله تعالى ، أو الانصياع لأوامره سبحانه ، وعدم التفريق بين هذه الأوامر ، أي عدم ترك ذلك القسم من الأوامر الذي لا ينسجم مع المصالح الفردية الذاتية.
الثّاني : وهو ما يترتب على التسليم في المرحلة الاولى ، من القيام بالأعمال الصالحة والإحسان في جميع المجالات.
والقرآن ، بطرحه هذه الحقيقة ، يرفض بشكل تام مسألة التعصب العنصري ويكسر طوق احتكار فئة معينة للسعادة ، ويضع ضمنيا معيار الفوز متمثلا بالإيمان ، والعمل الصالح.
* * *
بحوث
١ ـ «الأماني» جمع «أمنية» وهي الرجاء الذي لا يتحقق للإنسان.
والآية تطرح أمنية واحدة من أمنيات أهل الكتاب ، ولكن هذه الأمنية ـ أي أمنية احتكار الجنّة ـ هي مصدر أمان اخرى ، وبعبارة اخرى : أمنيتهم لها فروع وامتدادات ، ولذلك عبر عنها القرآن بلفظ (أماني).
٢ ـ نسبت الآية الكريمة التسليم إلى (الوجه) : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ) ...،ذلك يعود إلى أن الإنسان حين يستسلم لشيء ، فأوضح مظهر لهذا الاستسلام هو أن يولي وجهه تجاه ذلك الشيء. ومن المتحمل أيضا أن «الوجه» يعني في الآية