أي إن المسلمين والموحدين ينبغي أن يكونوا على درجة من القوّة والمقاومة بحيث لا يستطيع الظلمة أن يمدوا أيديهم إلى هذه الأماكن المقدسة ، ولا يستطيعون أن يدخلوها جهرة بدون خوف أو خشية.
ومن المحتمل أيضا أن الآية تقول : إن الظلمة لن يستطيعوا أبدا أن ينجحوا في الاستيلاء على هذه المراكز العبادية ، بل إنهم سوف لا يستطيعون في المستقبل أن يدخلوا هذه المساجد إلّا وهم خائفون مذعورون ، تماما كالمصير الذي لاقاه مشركو مكة بشأن المسجد الحرام.
والآية تبين بعد ذلك العقاب الذي ينتظر هؤلاء الظلمة ممن يريد أن يفصل بين الله وعباده : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
* * *
بحثان
١ ـ تخريب المساجد
مفهوم الآية المذكورة واسع ـ دون شك ـ غير محدود بزمان أو مكان معينين.إنها مثل سائر الآيات التي نزلت في ظروف خاصة لكن حكمها ثابت على مرّ العصور والدهور. فكل الذين يسعون بنوع من الأنواع في تخريب المساجد مشمولون بهذا الخزي والعذاب العظيم.
من الضروري أن نؤكد أن منع الذكر في مساجد الله والسعي في خرابها ، لا يقتصر على هدم بنائها ، بل إن كل عمل يؤدي إلى القضاء على دور المسجد في المجتمع مشمول بهذه الآية.
وسوف نرى في الآية (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) ... (١) أن المقصود من العمران ـ استنادا إلى الأحاديث والروايات الصريحة ـ ليس هو تشييد البناء فحسب ، بل
__________________
(١) التوبة ، ١٨.