الحضور فيها واحياؤها بالذكر ، هو نوع من العمران ، بل أهم أنواع العمران.
وفي النقطة المقابلة ـ إذن ـ يكون كل عمل يبعد النّاس عن المساجد ، ويبعد المساجد عن دورها ظلما كبيرا.
ومن المؤسف أن عصرنا يشهد ظهور مجموعة جاهلة متعصبة متعنتة بعيدة عن المنطق، تطلق على نفسها اسم الوهابيّة تسعى في تخريب المساجد بحجة إحياء التوحيد!! هؤلاء عمدوا إلى تخريب المساجد المبنيّة على قبور الأئمة والصالحين ، والتي كانت مركزا للذكر والدعاء والارتباط بالله وبخط الصالحين من آل الله.
ومن الغريب أنهم يمارسون هذه الأعمال تحت عنوان مكافحة الشرك مرتكبين بذلك أفظع الكبائر.
ولو افترضنا حدوث ما يخالف الشرع في بعض هذه الأماكن الدينية من قبل الجهلة ، فيجب الوقوف بوجه مثل هذه الأعمال ، لا أن تتجه الجهود إلى تخريب هذه القواعد التوحيدية ، فهذا عمل يشبه عمل المشركين الجاهليين.
٢ ـ أكبر الظّلم
ومسألة اخرى تلفت النظر في هذه الآية ، هي وصفها مثل هؤلاء الأفراد بأنهم أظلم النّاس. وهم كذلك ، لأن تعطيل المساجد وتخريبها ومنع ذكر الله فيها ، يؤدي إلى ابتعاد النّاس عن الدين ، وبالتالي إلى عواقب سيئة ومأساة اجتماعية عظيمة.
وصفة «الأظلم» ذكرها القرآن الكريم في مواضع اخرى للحكاية عن كبائر اخرى ، لكن كل هذه الذنوب تعود إلى أصل واحد هو صدّ النّاس عن طريق التوحيد.
وسيأتي شرح ذلك أكثر في المجلد الرابع من هذا التّفسير عند الحديث عن الآية ٢١ من سورة الأنعام.
* * *